خامساً - التدليس: وهو دعوة موافقة أكابر الدين والدنيا ليزداد الإقبال على مذاهبهم.
سادساً - التأسيس: وهو تمهيد مقدمات يراعون فيها حال المدعو لتقع تعاليمهم منه موقع القبول من نفسه.
سابعاً - الخلع: وهو الطمأنينة إلى إسقاط الأعمال البدنية.
ثامناً - السلخ: وهو سلخ المدعو من العقائد الإسلامية، ثم بعد ذلك يأخذون من تأويل الشريعة على ما تشاء أهواؤهم.
فأنت ترى أن الباطنية قد توسَّلوا بكل هذه الحيل إلى تشكيك المسلمين فى عقائدهم، وكأنهم رأوا أن القرآن ما دام موجوداً بين المسلمين ومحفوظاً عندهم يرجعون إليه فى أُمور الدين، ويهتدون بهَدْيه كلما نزلت بهم نازلة، فليس من السهل صرف الناس عنه إلا بواسطة تأويله، وصرف ألفاظه وآياته عن مدلولاتها الظاهرة، فأخذوا يَجِدُّون فى تأويل نصوص القرآن كما يُحبون. وعلى أى وجه يرونه هدماً لتعاليم الإسلام، الذى أصبح قذىً فى أعينهم، وشجىً فى حلوقهم!!
وحرصاً منهم على أن تكون دعواهم فى تأويل القرآن مقبولة لدى مَن يَستخِفُّونه.. قالوا:"إن الأئمة هم الذين أودعهم الله سره المكنون، ودينه المخزون، وكشف لهم بواطن هذه الظواهر، وأسرار هذه الأمثلة، وإن الرشد والنجاة من الضلال بالرجوع إلى القرآن وأهل البيت، ولذلك قال عليه السلام - لما قيل: ومن أين يُعرف الحق بعدك؟ -: "ألم أترك فيكم القرآن وعترتى"؟.. وأراد به أعقابه، فهم الذين يَطِّلِعون على معانى القرآن".
ولكن احتيال الباطنية بتأويل القرآن على هدم الشريعة لم يلق رواجاً عند عقلاء المسلمين، ولم يجد غباوة فى عقول علمائهم الذين نصبوا أنفسهم لحماية القرآن من أباطيل المضللين.. وكيف يمكن أن يجد رواجاً عند هؤلاء أو غباوة من أولئك، وقد علموا وتيقنوا بأن الألفاظ إذا صُرِفت عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشريعة، ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل، اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظ، وسقط به منفعة كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن ما يسبق منه إلى الفهم لا يُوثق به، والباطن لا ضبط له. بل تتعارض فيه الخواطر، ويمكن تنزيله على وجوه شتَّى.