فمثلاً نجد المؤلف يوافق المعتزلة فى أن العبد حُرٌ فى إرادته. خالق لأفعاله كلها، ولهذا نراه كلما اصطدم بآية من الآيات التى تدل على أن الله هو الذى يخلق أفعال العباد، لجأ إلى التأويل الذى يتفق مع عقيدته هذه.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٧] من سورة البقرة: { ... خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} .. نراه يفر من نسبة الختم إلى الله تعالى ويقول:{خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ} وسمها بسمة يعرفها مَن يشاء من ملائكته وأوليائه، إذا نظروا إليها علموا بأنهم لا يؤمنون. وعن الرضا عليه السلام: الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم - كما قال تعالى:{بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}[النساء: ١٥٥]- {وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} غطاء.. (أقول) : ويمكن أن يكون تهكماً حكاية لقولهم: {قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصلت: ٥] أى فى الآخرة. والتعبير بالماضى لتحققه، ويشهد له قوله:{وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً}[الإسراء: ٩٧] .
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٠٨] من سورة الأنعام: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} .. الآية، نراه يفر من نسبة التزيين إلى الله فيقول:{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} .. أى لم نكفهم حتى حسن عندهم سوء عملهم، أو أمهلنا الشيطان حتى زينَّه لهم".
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١١٢] من السور نفسها: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس والجن} ... الآية، يتخلص من نسبة الجعل هنا إلى الله تعالى بتأويله بالتخلية فيقول: "أسند الجعل إليه تعالى لأنه بمعنى التخلية، أى لم يمنعهم من العداوة".
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٢٥] من السور نفسها: {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} ... الآية، نراه يخرج من هذه الورطة بإرادة معنى اللطف والخذلان فيقول:{فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ} أى يلطف به {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} بأن يفسح فيه ويُنوِّر قلبه، {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} أى يمنعه آلطافه حتى ينبو عن قبول الحق فلا يدخله الإيمان".