فتنة الله لمن يشاء من عباده، يراد منها أن يُظهر للناس فى الخارج ما اشتمل عليه علمه من الأزل، فكيف يُعقل أنهم عدلوا عن قراءة "فليَعلَمن" من العلم إلى قراءة "فليُعلِمن" من الإعلام لمجرد هذا الوهم الباطل؟.. اللَّهم إن الكاتب لا يريد إلا أن يوقع فى أذهان الناس أن القرآن كان عُرْضة للتبديل والتحريف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ساق الكاتب أمثلة كثيرة فى كتابه، كلها من هذا القبيل ولهذا الغرض بدون أن يُفرِّق بين قراءة متواترة وقراءة شاذة، ولو أنه علم ما اشترطه المسلمون لصحة القراءة وقبولها من تواترها عن صاحب الرسالة. أو صحة السند وموافقة العربية وموافقة الرسم العثمانى، لما صار إلى هذا الرأى الباطل، ولما نسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم مثل هذا التحريف والتبديل فى كتاب ضمن الله حفظه فقال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩] .
* * *
*المصدر الثانى - النبى صلى الله عليه وسلم:
المصدر الثانى الذى كان يرجع إليه الصحابة فى تفسيرهم لكتاب الله تعالى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الواحد منهم إذا أشكلت عليه آية من كتاب الله، رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تفسيرها، فيبين له ما خفى عليه، لأن وظيفته البيان، كما أخبر الله عنه بذلك فى كتابه حيث قال:" {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل: ٤٤] .. وكما نَبَّهَ على ذلك رَسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود بسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا وإنى أُوتيتُ الكتابَ ومثله معه. ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحِلُّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحَرَّموه" ... الحديث.
والذى يرجع إلى كتب السُّنَّة يجد أنها قد أفردت للتفسير باباً من الأبواب التى اشتملت عليها، ذكرت فيه كثيراً من التفسير المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:
ما أخرجه أحمد والترمذى وغيرهما عن عدى بن حبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المغضوب عليهم هم اليهود، وإن الضَّالين هم النصارى".
وما رواه الترمذى وابن حبان فى صحيحه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة الوسطى صلاة العصر".
وما رواه أحمد والشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال: "لما نزلت هذه الآية: {الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}[الأنعام: ٨٢] . شق ذلك على الناس فقالوا: