بالولاية وأولى بها من غيره فحسب، ونجد مَن يقف موقفاً وسطاً بين هؤلاء وهؤلاء، فلا هو يؤلِّه علياً، ولا هو يرى أنه بشر يُخطىء ويُصيب، بل يرى أنه معصوم، وأنه الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منازع ولا مدافع وإن غُلب على أمره واعتُصِبَت الولاية منه.
ولم يقل أمر الشيعة عند حد الانقسام إلى حزبين أو ثلاثة، بل تفرَّقت بهم الأهواء - كما قلنا - إلى حد الكثرة فى التحزب، وكان كل حزب له عقيدة خاصة لا يشاركه فيها غيره، ورأى خاص لا يقول به سواه.
وكان طبيعياً - وكل حزب من هذه الأحزاب يَدَّعى الإسلام، ويعترف بالقرآن ولو فى الجملة - أن يبحث كل عن مستند يستند إليه من القرآن ويحرص كل الحرص على أن يكون القرآن شاهداً له لا عليه، فما وجده من الآيات القرآنية يمكن أن يكون دليلاً على مذهبه تمسك به، وأخذ فى إقامة مذهبه على دعامة منه. وما وجده مخالفاً لمذهبه حاول بكل ما يستطيع أن يجعله موافقاً لا مخالفاً، وإن أدى هذا كله إلى خروج اللفظ القرآنى عن معناه الذى وُضِعَ له وسِيقَ من أجله. وإليك طرفاً من تأويلات هؤلاء الغلاة:
* من تأويلات السبئية:
فمثلاً نجد بعض السبئية يزعم أن علياً فى السحاب، وعلى هذا يُفسِّرون الرعد بأنه صوت علىّ، والبرق بأنه لمعان سَوْطه أو تبسمه، ولهذا كان الواحد منهم إذا سمع صوت الرعد يقول: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
كذلك نجد زعيم السبئية يزعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيرجع إلى الحياة الدنيا، وتأوَّل على ذلك قوله تعالى فى الآية [٨٥] من سورة القصص: {إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ القرآن لَرَآدُّكَ إلى مَعَادٍ} . *
* من تأويلات البيانية:
كذلك نجد بيان بن سمعان التميمى زعيم البيانية، يزعم أنه هو المذكور فى