للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَّع لهم فى التقية، يجاهرون بإظهار موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه إذا قدروا، ويُسِّرُّونها إذا عجزوا".

وعند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٧٣] من سورة البقرة: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة والدم وَلَحْمَ الخنزير} .. الآية، يقول: ".. نظر الباقر إلى بعض شيعته وقد دخل خلفَ بعض المنافقين إلى الصلاة، وأحس الشيعى بأن الباقر قد عرف ذلك منه بقصده وقال: أعتذر إليك يا ابن رسول الله عن صلاتى خلف فلان فإنها تقيَّة، ولولا ذلك لصليتُ وحدى، قال له الباقر: يا أخى؛ إنما كنت تحتاج أن تعتذر لو تركت، يا عبد الله المؤمن؛ ما زالت ملائكة السماوات السبع والأرضين السبع تصلى عليك وتلعن إمامك ذاك، وإن الله تعالى أمر أن تُحسب صلاتك خلفه للتقيَّة بسبعمائة صلاة لو صليتها لوحدك. فعليك بالتقيَّة".

* *

* تأثره بمذهب المعتزلة:

وإنا لنجد فى هذا التفسير تأثراً بمذهب المعتزلة ومعتقداتهم، فمثلاً عند قوله تعالى فى الآية [٧] من سورة البقرة: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} .. نجد المؤلف لا يرتضى نسبة الختم إلى الله على ظاهره، ونراه يتأوَّل هذا الختم بما يتفق ورأى المعتزلة فيقول: "أى وسَمَها بسِمَة يعرفها مَن يشاء من ملائكته إذا نظروا إليها بأنهم الذين لا يؤمنون، وعلى سمعهم كذلك بسِمَات، وعلى أبصارهم غشاوة، وذلك أنهم لما أعرضوا عن النظر فيما كُلِّفوه، وقصَّروا فيما أُرِيد منهم، جهلوا ما لزمهم من الإيمان به، فصاروا كمن على عينه غطاء لا يبصر ما أمامه، فإن الله عَزَّ وجَلَّ يتعالى عن العبث والفساد، وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه، فلا يأمرهم بمغالبته ولا بالمسير إلى ما قد صدَّهم بالعجز".

* *

* تأثره فى تفسيره بآراء الشيعة فى الفروع الفقهية:

كذلك نجد المؤلف يجرى فى تفسيره على وفق ما يميل إليه من الأحكام الفقهية التى يقول بها الإمامية الإثنا عشرية.

فمثلاً عند قوله تعالى فى الآية [٤٣] من سورة البقرة: {وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة} .. نراه يروى حديثاً طويلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ منه صراحة أن فرض الرِجْلين فى الوضوء مسحهما لا غسلهما، وأن غسلهما لا يجوز إلا للتقيَّة، وهذا الحديث هو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه تناثرت ذنوب وجهه، وإذا غسل يديه إلى المرفقين تناثرت عنه ذنوب يديه، وإذا مسح رأسه تناثرت ذنوب رأسه، وإذا مسح رجليه - أو غسلهما تقيَّة - تناثرت ذنوب رجليه" ... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>