تقوم دعوة قدماء الباطنية على إبطال الشريعة الإسلامية، وينفذون إلى عقول العامة بإظهارهم الحب والتشيع، بل والانتساب إلى آل البيت، ثم يصلون إلى أهوائهم ومآربهم بصرفهم القرآن إلى معان باطنية لا يقبلها العقل، ولا تمت إلى الدين بسبب، وعلى هذا الأساس قامت دعوة البابية والبهائية، وبمثل هذه الوسيلة وصلوا إلى أغراضهم وأهوائهم، وإليك ما يوضح ذلك:
أولا: فى الباطنية مَن يدَّعى النبوة لنفسه أو يدَّعيها لغيره، وميرزا علىّ الملقب بالباب يدَّعى أنه رسول للناس من قِبَلِ الله تعالى، وله كتاب اسمه "البيان" ادَّعى أنه مُنزَّل عليه من عند الله تعالى. وقد جاء فى رسالة بعث بها الباب إلى العلامة الألوسى صاحب التفسير المعروف، يدعوه فيها إلى الإيمان به:"إنني أنا عبد الله، قد بعثنى بالهدى من عنده" وسمى فى هذه الرسالة مذهبه "دين الله" فقال: "ومَن لم يدخل فى دين الله، مثله كمثل الذين لم يدخلوا فى الإسلام".
ولا نعلم ماذا أجاب به الآلوسى على هذه الرسالة، وإن كنا نعلم رأيه فى هذه الطائفة عندما تعرَّض لتفسير قوله تعالى فى الآية [٤٠] من سورة الأحزاب: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ولاكن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النبيين} ... وذلك حيث يقول:"وقد ظهر فى هذا العصر عصابة من غلاة الشيعة لقبوا أنفسهم بالبابية، لهم فى هذا الباب فصول يحكم بكفر معتقدها كل من انتظم فى سلك ذوى العقول، وقد كاد يتمكن عرقهم من العراق لولا همة واليه النجيب الذى وقع على همته وديانته الاتفاق، حيث خذلهم - نصره الله - وشتت شملهم، وغضب عليهم - رضي الله تعالى عنه - وأفسد عملهم. فجزاه الله تعالى عن الإسلام خيراً، ودفع عنه فى الدارين ضيماً وضيراً".
وكذلك ادَّعى زعيمهم الثانى الملقب ببهاء الله: أنه رسول من عند الله، جاء لتأسيس الإسلام على الأرض، وبين أيدينا كتاب بهاء الله، ويُطلق عليه اسم "الكتاب" قرأنا فيه فوجدناه يقول:
"لعمر الله إن البهاء ما نطق عن الهوى، قد أنطقه الذى أنطق الأشياء بذكره وثنائه، لا إله إلا هو الفرد الواحد المقتدر المختار".
"لعمرى ما أظهرتُ نفسى، بل الله أظهرنى كيف أراد، إنى كنت كأحد من العباد، وراقداً على المهاد، مرّت علىّ نسائم السبحان، وعلَّمنى علم ما كان. ليس هذا من عندى بل من لدن عزيز عليم. وأمرنى بالنداء بين الأرض والسماء، بذلك ورد علىّ ما