يقذف المحصنين من الرجال ... أما قاذف المحصنات فعليه الحد قطعاً. ولا يرون جواز التقية.
ثانياً - النجدات: وهم أتباع نجدة بن عامر، وهم يرون أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط، بل عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن الحاجة تدعو إلى إمام أقاموه، وإلا فلا. كما أنهم يُكَفِّرون من يقول بإمامة نافع ابن الأزرق، ويُكَفِّرون مَن يُكَفِّر القاعدين عن الهجرة لنافع وحزبه ويقولون: إن الدين أمران:
أحدهما: معرفة الله تعالى، ومعرفة الرسول، والإقرار بما جاء به جملة، فهذا واجب معرفته على كل مُكلَّف.
وثانيهما: ما عدا ما تقدم، فالناس معذورون بجهالته إلى أن تقوم عليهم الحُجَّة.
فمَن استحل شيئاً حراماً باجتهاد فله عذره، وهم يعظمون جريمة الكذب، ويجعلونها أكبر جُرْماً من شرب الخمر والزنا.
ومن بدع "نجدة" أنه تولى أصحاب الحدود من موافقيه، وقال: لعل الله يعذبهم بذنوبهم فى غير نار جهنم، ثم يُدخلهم الجنة، وزعم أن النار يدخلها مَن خالفه فى دينه.
ثالثاً - الصفرية: وهم أتباع زياد بن الأصفر، وهم يقولون بأن أصحاب الذنوب مشركون، غير أنهم لا يرون قتل أطفال مخالفيهم ونسائهم كما ترى الأزارقة ذلك. ومن الصفرية مَن يخالف فى ذلك فيقول: كل ذنب له حد فى الشريعة لا يسمى مرتكبه مشركاً، ولا كافراً، بل يُدعى باسمه المشتق من جريمته يقال: سارق، وقاتل، وقاذف ... وكل ذنب ليس فيه حد معلوم فى الشريعة مثل الإعراض عن الصلاة فمرتكبه كافر ... ولا يُسمى مرتكب واحد من هذين النوعين جميعاً مؤمناً، ومنهم مَن يقول: إن صاحب الذنب لا يُحكم عليه بالكفر حتى يُرفع إلى الوالى فيحده ويحكم بكفره.
رابعاً - الإباضية: وهم أتباع عبد الله بن إباض، وهم أعدل فِرَق الخوارج، وأقربها إلى تعاليم أهل السُّنَّة، وهم يُجمعون على أن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين، ولا مؤمنين، ولكنهم كفار. ويُروى عنهم أنهم يريدون: كفر النعمة، وأجازوا شهادة مخالفيهم من المسلمين، ومناكحتهم، والتوارث معهم، وحرَّموا دماءهم فى السر دون العلانية. لأنهم محاربون لله ولرسوله، ولا يدينون دين الحق، ودارهم دار توحيد إلا معكسر السلطان، واستحلوا من غنائمهم: الخيل والسلاح، وكل ما فيه قوة حربية لهم. ولم يستحلوا غنائم الذهب والفضة، بل يردونها لأهلها.