قالوه فى التفسير من بيان لحقائق الموجودات علويها وسفليها، وحقائق الملائكة، والروح، والعرش، والكرسى، وأمثال ذلك، فلا يصح أن نغض الطرف بحال عما قالوه من التفسير المبنى على وحدة الوجود. وإذا أمكننا - على كره - أن نتسامح فى بعض عبارات شديدة جرى بها لسان صوفى أخذه الوَجد، وارتفع به الحال، وغاب عن نفسه، وشاهد ما لا نشاهد، فقال فى لحظة نسى فيها نفسه فلم ير إلا الله: أنا الحق، أو أنا الله، فليس فى مقدورنا أن نتسامح فى مثل هذه التفاسير التى جرت بها ألسنة القوم وأقلامهم وهم فى حالة الهدوء النفسى، يُقَدِّرون ما يقولون، ويشعرون بكل ما ينطقون أو يكتبون.
هذا.. ولم نسمع بأن أحداً ألَّف فى التفسير الصوفى النظرى كتاباً خاصاً يتتبع القرآن آية آية، كما أُلِّفَ مثل ذلك بالنسبة للتفسير الإشارى، وكل ما وجدناه من ذلك هو نصوص متفرقة اشتمل عليها التفسير المنسوب إلى ابن عربى، وكتاب "الفتوحات المكية" له، وكتاب "الفصوص" له أيضاً، كما يوجد بعض من ذلك فى كثير من كتب التفسير المختلفة المشارب.