هذا التفسير مطبوع فى مجلد صغير الحجم، ولم يتعرَّض فيه مؤلفه لتفسير القرآن آية آية، بل تكلم عن آيات محدودة ومتفرقة من كل سورة. ويظهر لنا أن سهلاً - رضى الله عنه - لم يؤلف هذا الكتاب، وإنما هى أقوال قالها سهل فى آيات متفرقة من القرآن الكريم، ثم جمعها أبو بكر محمد بن أحمد البلدى، المذكور فى أول الكتاب، والذى يقول كثيراً: قال أبو بكر: سئل سهل عن معنى كذا. فقال كذا، ثم ضمنها هذا الكتاب ونسبها إليه.
نقرأ فى هذا الكتاب، فنجد مؤلفه يقدم له بمقدمة يوضح فيها معنى ظاهر القرآن وباطنه، ومعنى الحد والمطلع، فيقول:"ما من آية فى القرآن إلا ولها أربعة معان: ظاهر، وباطن، وحد، ومطلع. فالظاهر: التلاوة، والباطن: الفهم، والحد: حلالها وحرامها. والمطلع: إشراق القلب على المراد بها. فقهاً من الله عَزَّ وجَلَّ. فالعلم الظاهر علم عام، والفهم لباطنه والمراد به خاص.. قال تعالى فى الآية [٧٨] من سورة النساء: {فَمَالِ هاؤلاء القوم لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} : أي لا يفقهون خطاباً".
ويقول فى موضع آخر: قال سهل: إن الله تعالى ما استولى ولياُ من أُمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا علَّمه القرآن، إما ظاهراً وإما باطناً. قيل له: إن الظاهر نعرفه فالباطن ما هو؟ قال: فهمه، وإن فهمه هو المراد".
فمن هاتين العبارتين، نأخذ أن سهلاً التسترى يرى: أن الظاهر هو المعنى اللُّغوى المجرَّد، وأن الباطن هو المعنى الذى يُفهم من اللَّفظ ويريده الله تعالى من كلامه.. كما نأخذ منه: أنه يرى أن المعانى الظاهرة أمر عام يقف عليها كل مَن يعرف اللِّسان العربى، أما المعانى الباطنة، فأمر خاص يعرفه أهل الله بتعليم الله إياهم وإرشادهم إليه.
كذلك نجد سهلاً - رضى الله عنه - لم يقتصر فى تفسيره على المعانى الإشارية وحدها، بل نجده يذكر أحياناً المعانى الظاهرة، ثم يعقبها بالمعانى الإشارية، وقد يقتصر أحياناً على المعنى الإشارى وحده، كما يقتصر أحياناً على المعنى الظاهرى، بدون أن يعرج على باطن الآية.
وحين يعرض سهل للمعانى الإشارية لا يكون واضحاً فى كل ما يقوله، بل تارة بالمعانى الغريبة التى نستبعد أن تكون مرادة لله تعالى، وذلك كالمعانى التى نقلناها عنه