للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شىء من ذلك. قلنا: هذا كلام جاهل بمنهاج الشرع، أو متهكم لا يبالى بموارد القول. نحن لم نقل إنه حكم نيط بالضرورة، إنما قلنا: إنه حكم علق بالرخصة المقرونة بالحاجة، ولكل واحد منهما حكم يختص به. وحالة يعتبر فيها. ومَن لم يُفرِّق بين الضرورة والحاجة التى تكون معها الرُخصة، فلا يُعنى بالكلام معه، فإنه معاند أو جاهل، وتقرير ذلك إتعاب للنفس عند مَن لا ينتفع به".

فأنت ترى من هذه الأمثلة كلها. أن الرجل ليس عَفّ اللسان مع الأئمة، ولا مع أتباعهم، وهذه ظاهرة من ظواهر التعصب المذهبى، الذى يقود صاحبه إلى ما لا يليق به، ويدفعه إلى الخروج عن حد اللطافة والكياسة.

* *

* احتكامه إلى اللُّغة:

ثم إن المؤلف - رحمه الله - كثيراً ما يحتكم إلى اللُّغة فى استنباط المعانى من الآيات، وفى الكتاب من ذلك أمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها بسهولة.

* *

* كراهته للإسرائيليات:

كما أنه شديد النفرة من الخوض فى الإسرائيليات، ولذلك عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [٦٧] من سورة البقرة: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} ... الآية، نجده يقول: "المسألة الثانية: فى الحديث عن بنى إسرائيل: كثر استرسال العلماء فى الحديث عنهم فى كل طريق، وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أن قال: "حَدِّثوا عن بنى إسرائيل ولا حَرَج" ومعنى هذا الخبر: الحديث عنهم بما يُخبرون به عن أنفسهم وقصصهم، لا بما يُخبرون به عن غيرهم، لأن أخبارهم عن غيرهم مفتقرة إلى العدالة، وللثبوت إلى منتهى الخبر، وما يُخبرون به عن أنفسهم، فيكون من باب إقرار المرء على نفسه أو قومه، فهو أعلم بذلك، وإذا أخبروا عن شرع لم يلزمه قبوله، ففى رواية مالك عن عمر رضى الله عنه أنه قال: رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أمسك مصحفاً قد تشرَّمت حواشيه، قال: ما هذا؟ قلت: جزء من التوارة، فغضب وقال: "واللهِ لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعى".

* *

* نفرته من الأحاديث الضعيفة:

كذلك نجد ابن العربى شديد النفرة من الأحاديث الضعيفة، وهو يُحذِّر منها فى

<<  <  ج: ص:  >  >>