للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] . وعن ابن عمر: لا أعلم شركاً أعظم من قول النصارى إن ربها عيسى. وعن عطاء: قد كثَّر الله المسلمات، وإنما رُخِّص لهم يومئذ. قالوا: إنه تعالى عطف أحدهما على الآخر فدل أنهما غيران حيث قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين} [البينة: ١] .. قلنا: هذا كقوله تعالى: {الوصية لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين} [البقرة: ١٨٠] .. قالوا: الآية مُصرِّحة بالجواز فى قوله تعالى: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} [المائدة: ٥] .. قلنا: قوله تعالى فى سورة الممتحنة: {وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر} [الممتحنة: ١٠] ، وقوله تعالى فى سورة النور: {الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون لِلْخَبِيثَاتِ والطيبات لِلطَّيِّبِينَ والطيبون لِلْطَّيِّبَاتِ}

[النور: ٢٦] ، وقوله تعالى فى سورة النساء: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} [النساء: ٢٥] .. فشرط الإيمان فى هذا يقتضى التحريم، فتتأول هذه الآية بأنه أراد المحصنات من أهل الكتاب الذين قد أسلموا، لأنهم كانوا يتكرهون ذلك، فسماهم باسم ما كانوا عليه. وقد ورد مثل هذا فى كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أولائك يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: ١٢١] ، وقوله تعالى {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: ١٤٦] ، وقوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله} [آل عمران: ١٩٩]- قالوا: سبب النزول وفعل الصحابة يدل على الجواز، وإنَّا نجمع بين الآيات الكريمة فنقول: قوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات} [البقرة: ٢٢١] عام ونخصه بقوله تعالى: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] .. أو نقول: أراد بالمشركات الوثنيات، وبالمحصنات من الذين أُوتوا الكتاب ما أفاده الظاهر. أو يكون قوله تعالى: {والمحصنات} ناسخاً لتحريم الكتابيات بقوله: {وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات} .. قلنا: نقل ما ذكرتم بما روى أن كعب بن مالك أراد أن يتزوج بيهودية أو نصرانية فسأل النبى صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال: "إنها لا تحصن ماءك". ويُروى أنه نهاه عن ذلك. وبأنَّا نتتأوّل قوله تعالى: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} ، فنجمع ونقول: وتخصيص المشركات بالمحصنات من الذين أُوتوا الكتاب متراخ، والبيان لا يجوز أن يتراخى.. قالوا: روى جابر بن عبد الله عن النبى عليه السلام أنه قال: "أُحِلَّ لنا ذبائح أهل الكتاب وأُحِلَّ لنا نساؤهم، وحُرِّم عليهم أن يتزوجوا نساءنا"، قال فى الشفاء: قال علماؤنا: هذا حديث ضعيف النقل. قالوا: قوله صلى الله عليه وسلم وآله فى المجوس: "سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب" ... . الخبر، فأفاد جواز

<<  <  ج: ص:  >  >>