للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربعين سنة، قال أبو الشيخ: قتله الحجاج صبراً. وله مناظرة قبل قتله مع الحجاج، تدل على قوة يقينه، وثبات إيمانه، وثقته بالله، فرضى الله عنه وأرضاه.

* * *

٢- مجاهد بن جبر

* ترجمته:

هو مجاهد بن جبر، المكى، المقرئ، المفسِّر، أبو الحجاج المخزومى، مولى السائب بن أبى السائب. كان أحد الأعلام الأثبات. ولد سنة ٢١ هـ (إحدى وعشرين من الهجرة) فى خلافة عمر بن الخطاب. وكانت وفاته بمكة وهو ساجد، سنة ١٠٤ هـ (أربع ومائة) على الأشهر، وعمره ثلاث وثمانون سنة.

* *

* مكانته فى التفسير:

كان مجاهد - رحمه الله - أقل أصحاب ابن عباس رواية عنه فى التفسير، وكان أوثقهم، لهذا اعتمد على تفسيره الشافعى والبخارى وغيرهما، ونجد البخارى رضى الله عنه فى كتاب التفسير من الجامع الصحيح، ينقل لنا كثيراً من التفسير عن مجاهد، وهذه أكبر شهادة من البخارى على ثقته وعدالته، واعتراف منه بمبلغ فهمه لكتاب الله تعالى، وقد روى الفضل ابن ميمون أنه سمع مجاهداً يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة. وروى عنه أيضاً أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية، أساله فيم نزلت، وكيف كانت؟ ولا تعارض بين هاتين الروايتين، لأن الإخبار بالقليل لا ينافى الإخبار بالكثير، ولعله عرض القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة لتمام الضبط، ودقة التجويد، وحُسْن الأداء، وعرضه بعد ذلك ثلاث مرات طلباً لتفسيره، ومعرفة ما دق من أسراره، وخفى من معانيه. كما تُشعر بذلك ألفاظ الرواية. وعن ابن أبى مليكة قال: رأيت مجاهداً سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فقال ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله. وروى عبد السلام بن حرب عن مصعب قال: كان أعلمهم بالتفسير مجاهد، وبالحج عطاء. وقال قتادة: أعلم مَن بقى بالتفسير مجاهد. وقال ابن سعد: كان ثقة، فقيهاً، عالماً، كثير الحديث. وقال ابن حبان: كان فقيهاً، ورعاً، عابداً، متقناً. وأخرج ابن جرير فى تفسيره عن أبى بكر الحنفى قال: سمعت سفيان الثورى يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. وكان رحمه الله جيد الحفظ، وقد حدَّث بهذا عن نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>