للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسير يذهب بعصمة النبى صلى الله عليه وسلم، ويرفع الأمان عن الوحى الذى تكفَّل الله بحفظه.

وكتفسيره لقوله تعالى فى الآية [٣٧] من سورة الأحزاب: {وَإِذْ تَقُولُ للذي أَنعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتق الله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً} ، ورده لما أُلصق بها من أحاديث باطلة، تُصوِّر النبى صلى الله عليه وسلم بصورة الرجل الشهوانى، وإبطاله لكل ما أُثير حول هذه القصة - قصة زيد وزينب - من مطاعن رُمِىَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زوراً وبهتاناً.

وكذلك نجد من آثار الأستاذ الإمام فى التفسير، تلك الدورس التى ألقاها فى الأزهر الشريف على تلاميذه ومريديه، وكان ذلك بمشورة تلميذه السيد محمد رشيد رضا، وإقناعه به، كما يقول هو فى مقدمة تفسيره.

وقد ابتدأ الأستاذ الإمام بأول القرآن فى غُرَّة المحرَّم سنة ١٣١٧ وانتهى عند تفسير قوله تعالى فى الآية [١٢٦] من سورة النساء: {وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً} .. وذلك فى منتصف المحرَّم سنة ١٣٢٣ هـ، إذ توفى - رحمه الله - لثمان خلون من جُمادى الأولى من السنة نفسها.

وإذا كان الأستاذ الإمام قد ألقى هذه الدروس فى التفسير على طُلابه ولم يدون شيئاً، فإنّا لا نرى حَرَجاً من جعلها أثراً من آثاره فى التفسير.

وذلك لأن تلميذه السيد محمد رشيد رضا كان يكتب فى أثناء إلقاء هذه الدروس مذكرات يودعها ما يراه أهم أقوال الأستاذ الإمام، ثم يحفظ ما كتب ليمده بما يذكره من أقواله وقت الفراغ، ثم قام بعد ذلك بنشر ما كتب فى مجلته "المنار" وكان - كما يقول هو فى مقدمة تفسيره - يُطلع الأستاذ الإمام على ما أعده للطبع، كلما تيسر ذلك بعد جمع حروفه فى المطبعة وقبل طبعه، فكان ربما يُنَقِّح فيه بزيادة قليلة، أو حذف كلمة أو كلمات. قال: "ولا أذكر أنه انتقد شيئاً مما لم يره قبل الطبع، بل كان راضياً بالمكتوب، معجباً به".

هذا هو كل ما وصلت إليه من إنتاج الأستاذ الإمام فى التفسير، وهو وإن كان إنتاجاً يُعَد قليلاً بالنسبة لهذه الشخصية البارزة، إلا أنه - والحق يقال - كان له أثر بالغ فى تطور التفسير واتجاهاته، كما سيظهر لك فيما بعد إن شاء الله تعالى.

* *

<<  <  ج: ص:  >  >>