للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانته فى التفسير:

كل ما تقدم من أقوال العلماء فى عطاء يشهد لمكانته العلمية على وجه العموم ويدل على مبلغ ثقته وصدقه، وليس أدل على ذلك من شهادة أستاذه ابن عباس له بذلك، ونجد شهرة عطاء على غيره من أصحاب ابن عباس، تتجلى فى معرفته بمناسك الحج، ولهذا قال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة: كان عطاء بن أبى رباح أعلمهم بالمناسك، وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير. وكان عكرِمة أعلمهم بالسير، وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام. وإذا نحن تتبعنا الرواة عن ابن عباس نجد أن عطاء بن أبى رباح لم يُكثر من الرواية عنه كما أكثر غيره، ونجد مجاهداً وسعيد بن جبير يسبقانه من ناحية العلم بتفسير كتاب الله، ولكن هذا لا يقلل من قيمته بين علماء التفسير، ولعل إقلاله فى التفسير يرجع إلى تحرجه من القول بالرأى، فقد قال عبد العزيز بن رفيع: سئل عطاء عن مسألة فقال: لا أدرى، فقيل له: ألا تقول فيها برأيك؟ قال: إنى أستحى من الله يُدَانَ فى الأرض برأيى.

* * *

ثانياً: مدرسة التفسير بالمدينة

*قيامها على أُبَىّ بن كعب:

كان بالمدينة كثير من الصحابة، أقاموا بها ولم يتحوَّلوا عنها كما تحوَّل كثير منهم إلى غيرها من بلاد المسلمين، فجلسوا لأتباعهم يعلمونهم كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقامت بالمدينة مدرسة للتفسير، تتلمذ فيها كثير من التابعين لمشاهير المفسِّرين من الصحابة. ونستطيع أن نقول: إن قيام هذه المدرسة كان على أُبَى بن كعب، الذي يُعتبر بحق أشهر مَن تتلمذ له مفسِّرو التابعين بالمدينة، وذلك لشهرته أكثر من غيره فى التفسير، وكثرة ما نُقل لنا عنه فى ذلك.

* *

* أشهر رجالها:

وقد وُجِد بالمدينة فى هذا الوقت كثير من التابعين المعروفين بالتفسير، اشتهر من بينهم ثلاثة، هم: زيد بن أسلم، وأبو العالية، ومحمد بن كعب القرظى. وهؤلاء منهم مَن أخذ عن أُبَىّ مباشرة، ومنهم مَن أخذ عنه بالواسطة.

وأرى أن أسوق نبذة عن تاريخ كل واحد من هؤلاء الثلاثة، بما يتناسب مع جانبه العلمى فى التفسير فأقول:

١- أبو العالية

* ترجمته ومكانته فى التفسير:

هو أبو العالية رفيع بن مهران الرياحى مولاهم، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بسنتين. روى عن علىّ، وابن مسعود، وابن عباس. وابن عمر، وأُبَىّ

<<  <  ج: ص:  >  >>