للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي لا يعرف هذه الحقيقة قد ينخدع بكلامهم في هذا الباب ولا يتصور أن للصحابة عندهم تفسيراً معيناً.

وهناك تفسير آخر لهم في الصحابة جاء بيانه في بعض رواياتهم، تقول رواياتهم بعد ثناء على الصحابة وأمر بالرجوع لأقوالهم وإجماعهم: فقيل: يا رسول الله، ومن أصحابك؟ قال: أهل بيتي (١) . فهم يفسرون الصحابة بأهل البيت.

ثم هناك مسلك ثالث يسلكونه في الثناء على الصحابة وهو حمله على التقية، وقد أشار إليه شيخهم الطوسي، حيث قال بعد أن سب عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "فإن قيل: أليس قد روي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر أن سائلاً سأله عن عائشة وعن مسيرها في تلك الحرب، فاستغفر لها وقال له (الراوي) : تستغفر لها وتتولاها؟ فقال: نعم، أما علمت ما كانت تقول: يا ليتني كنت شجرة، ليتني كنت مدرة" قال الطوسي: "لا حجة في ذلك على مذاهبنا لأنا نجيز عليه صلوات الله عليه التورية، ويجوز أن يكون السائل من أهل العداوة واتقاه بهذا القول وروى فيه تورية يخرجه من أن يكون كذباً، وبعد، فإنه علق توبتها بتمنيها أن تكون شجرة ومدرة وقد بينا أن ذلك لا يكون توبة وهو عليه السلام بهذا أعلم" (٢) .

إن على الذين يقولون بتقدير الشيعة للصحابة أن يعلنوا خطأ هذه المسالك وعدم صحتها، وأن يعترفوا ببطلان تلك الروايات السوداء، وأن يصدقوا ولا يتناقضوا، حتى يقبل منهم موقفهم، ثم لِمَ يذهبون للرد على أهل السنة إذا قالوا: إن مذهب الشيعة الطعن في الصحابة وتكفيرهم ولا يردون على أنفسهم وعلى كتبهم وعلى مشايخهم المعاصرين الذين لا يزالون يهذون في هذا الضلال؟

وأي فائدة اليوم في اللعن والسب والتكفير الذي ملأوا به كتبهم،


(١) انظر: ص (٧٦٢)
(٢) الطوسي/ الاستفياء في الإمامة، الورقة ٢٨٨ (النسخة المخطوطة)

<<  <  ج: ص:  >  >>