للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي أدركنا يقولوا (كذا) هدينا لوحي ضل عنه الناس وعلم خفي ويزعمون أن نبي الله كتم تسعة أعشار القرآن، ولو كان نبي الله كاتماً شيئاً مما أنزل الله لكتم شأن امرأة زيد {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} (١) .

فإذن لم تكن هذه القضية من مقالات السبئية بل حدثت فيما بعد، أما من هو الذي تولى كبر وضع هذا الكفر بين الشيعة؟ فإن الإجابة الجازمة المحددة قد لا تكون ميسرة، ولا يجدي في هذا تتبع أسانيد روايات التحريف؛ لأن في أخبارها ما هو عار من السند كالروايات التي جاءت في كتاب الاحتجاج للطبرسي، ولأن مسألة الإسناد عندهم قد وجدت بعض القرائن - كما سيأتي - التي تدل على أنها صنعت متأخرة، كما أن من أساليبهم وضع الأسانيد الصحيحة لمتون مكذوبة فلا يعطي سلوك هذا المنهج نتيجة جازمة.

[شيوع هذه الفرية في كتب الشيعة]

قد لاحظنا أن البداية - إذا أخذنا بأقوالهم - كانت بكتاب سُليم وبدأت القضية بروايتين فقط، وليس فيها الصراحة التي نجدها عند من بعده - كما سترى أثناء عرضنا لروايات التحريف بعد نهاية هذه المسألة - فكأن المسألة في كتابه لا تزال في بدايتها لم يكثر الوضع والكذب حولها، ولكنها بداية في كتاب قوبل بالرفض من بعض الشيعة؛ فهذا يعني الحكم بالموت على هذه المقالة، لولا أنه جاء في القرن الثالث من تلقف هذه الأسطورة وزاد عليها، وأرسى دعائمها الباطلة.

جاء شيخهم علي بن إبراهيم القمي هو شيخ الكليني صاحب الكافي وحشا تفسيره بهذه الأسطورة (٢) . وصرح بها في مقدمة تفسيره (٣) . ولهذا قال شيخهم الكاشاني: "فإن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه" (٤) . وكذلك قال شيخهم


(١) كتاب الإيمان لمحمد بن أبي عمر المكي العدني: ص٢٤٩-٢٥٠ (مخطوط) والآية رقم (٣٧) من سورة الأحزاب
(٢) انظر - على سبيل المثال -: تفسير القمي: ١/٤٨، ١٠٠، ١١٠، ١١٨، ١٢٢، ١٢٣، ١٤٢، ١٥٩، ج‍ص٢١، ١١١، ١٢٥، وغيرها كثير، وسيأتي ذكر بعضها
(٣) تفسير القمي: ١/١٠
(٤) تفسير الصافي: ١/٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>