للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النيابة عن المنتظر]

أرسيت دعائم فكرة الغيبة لولد للحسن العسكري - كما سلف - وكان لابد من وجود وكيل مفوض يتولى شئون الأتباع في أثناء فترة الاحتجاب، ويكون الواسطة والباب للغائب في السرداب، أو في جبال رضوى، أو وديان مكة.

فكان أول زعيم تولى شئون الشيعة - كما كشفت ذلك أوراق الاثني عشرية - هي امرأة.. وما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (١) ، إذ بعد وفاة الحسن العسكري، وإشاعة وجود الولد المختفي، وبقاء الشيعة بدون إمام ظاهر، بدأ الشيعة يتساءلون إلى من يرجعون؟

ففي سنة (٢٦٢هـ‍) أي بعد وفاة الحسن العسكري بسنتين،، توجه بعض الشيعة (٢) . إلى بيت الحسن العسكري وسأل - كما تقول الرواية - خديجة بنت محمد بن علي الرضا عن ولد الحسن العسكري المزعوم، فسمته له (٣) ، يقول راوي الخبر: "قلت لها: فأين الولد؟ قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ قالت: إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلام" (٤) .

ويبدو أن رجال الشيعة أرادوا أن تبقى النيابة عن الغائب في بيت الحسن العسكري، فأشاعوا بين أتباعهم في بداية الأمر أن أم الحسن العسكري هي الوكيلة عن المنتظر، فهي الرئيسة العامة للمسلمين (بالنيابة) . ويظهر أن هذا "التعيين" كان القصد منه إيجاد الجو المناسب لنمو هذه الفكرة بين الأتباع لأن أم الحسن هي الوصية للحسن بعد وفاته كما تذكر أخبار الشيعة، فكان من الطبيعي أن تتولى


(١) البخاري، كتاب المغازي، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر: ٥/١٣٦، وكتاب الفتن: ٨/٩٧، والترمذي، كتاب الفتن: ٤/٥٢٧-٥٢٨ (٢٢٦٢) ، والنسائي/ باب النهي عن استعمال النساء في الحكم: ٨/٢٢٧، وأحمد: ٥/٤٣، ٥١
(٢) وهو كما تقول الرواية: أحمد بن إبراهيم، وانظر: رجال الحلي: ص١٦
(٣) يلحظ أنهم يحرمون تسميته حتى قالوا: من سماه باسمه فهو كافر - كما سلف -
(٤) الغيبة للطوسي: ص١٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>