للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمراض ويشترط (لهم) فيه البداء" (١) . وهذه حيلة أخرى منهم ليستروا بها كذبهم إذا أخبروا خلاف الواقع.

وقد أمر الشيعة بمقتضى هذه العقيدة بالتسليم بالتناقض والاختلاف والكذب، ففي رواية طويلة في تفسير القمي تخبر عن نهاية دولة بني العباس، قال فيها إمامهم: "إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول فقولوا: صدق الله ورسوله، وإن كان بخلاف ذلك فقولوا: صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين.." (٢) .

وقد كان لعقيدة البداء في إبان نشأتها أثرها في ظهور بوادر الشك لدى العقلاء من أتباع المذهب، وقد اكتشف بعضهم حقيقة اللعبة، فتخلى عن المذهب الإمامي أصلاً، وقد حفظت لنا بعض كتب الفرق قصة أحد هؤلاء وهو سليمان بن جرير الذي تنسب إليه فرقة السليمانية من الزيدية، فقال - كما تنقل ذلك كتب الفرق عند الشيعة نفسها -: "إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين، لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدًا وهما القول بالبداء وإجازة التقية" (٣) .

ثم كشف - من خلال حياته في المجتمع الشيعي، ومخالطته لهم - كيف يتخذون من عقيدة البداء وسيلة للتستر على كذبهم في دعوى علم الأئمة للغيب فقال: "إنّ أئمّتهم لمّا أحلّوا أنفسهم من شيعتهم محلّ الأنبياء من رعيّتها في العلم فيما كان ويكون، والإخبار بما يكون في غد، وقالوا لشيعتهم إنّه سيكون غدًا وفي غابر الأيّام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشّيء على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلّمكم أنّ هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عزّ وجلّ ما علمته الأنبياء، وبيننا وبين الله عزّ وجلّ مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشّيء الذي قالوا إنّه يكون على ما قالوه، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك


(١) تفسير القمي: ٢/٢٩٠، بحار الأنوار: ٤/١٠١
(٢) تفسير القمي: ١/٣١٠-٣١١، بحار الأنوار: ٤/٩٩
(٣) المقالات والفرق للقمي: ص٧٨، فرق الشيعة للنوبختي: ص٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>