والذي أرى أن التشيع المجرد من دعوى النص والوصية ليس هو وليد مؤثرات أجنبية، بل إن التشيع لآل البيت وحبهم أمر طبيعي، وهو حب لا يفرق بين الآل، ولا يغلو فيهم، ولا ينتقص أحداً من الصحابة، كما تفعل الفرق المنتسبة للتشيع، وقد نما الحب وزاد للآل بعدما جرى عليهم من المحن والآلام بدءاً من مقتل علي، ثم الحسين.. إلخ.
هذه الأحداث فجرت عواطف المسلمين، فدخل الحاقدون من هذا الباب، ذلك أن آراء ابن سبأ لم تجد الجو الملائم؛ لتنمو وتنتشر إلا بعد تلك الأحداث.. لكن التشيع بمعنى عقيدة النص على علي، والرجعة، والبداء، والغيبة، وعصمة الأئمة.. إلخ فلا شك أنها عقائد طارئة على الأمة، دخيلة على المسلمين، ترجع أصولها لعناصر مختلفة، ذلك أنه قد ركب مطية التشيع كل من أراد الكيد للإسلام، وأهله، وكل من احتال ليعيش في ظل عقيدته السابقة باسم الإسلام، من يهودي، ونصراني، ومجوسي، وغيرهم. فدخل في التشيع كثير من الأفكار الأجنبية والدخيلة - كما سيتبين في الدراسة الموسعة لأصولهم -، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن المنتسبين للتشيع قد أخذوا من مذاهب الفرس والروم، واليونان، والنصارى، واليهود، وغيرهم أموراً مزجوها بالتشيع، ويقول: وهذا تصديق لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وساق بعض الأحاديث الواردة في أن هذه الأمة ستركب سنن من كان قبلها، وقال بأن هذا بعينه صار في المنتسبين للتشيع (١) .
(١) منهاج السنة: ٤/١٤٧، وانظر الأحاديث في ذلك في: صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم": ٨/١٥١، وفي صحيح مسلم، كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" رقم (٢٦٦٩) ، المسند ٢/٤٥٠-٥١١، ٥٢٧.