هذا التكفير العام الشامل الذي لم ينج منه أحد هل يحتاج إلى نقد؟ إن بطلانه أوضح من أن يبين، وكذبه أجلى من أن يكشف، وتكفير الأمة امتداد لتكفير الصحابة، والسبب واحد لا يختلف.
ومن الطبيعي أن من يحقد على صحابة رسول الله ويسبهم ويكفرهم يحقد على الأمة جميعًا ويكفرها، كما قال بعض السلف:"لا يغلّ قلب أحد على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كان قلبه على المسلمين أغلّ"(١) . فإذا لم يرض عن أبي بكر وعمر وعثمان، وأهل بدر وبيعة الرضوان، والمهاجرين والأنصار وهم في الذروة من الفضل والإحسان، فهل يرضى بعد ذلك عن أحد بعدهم؟!
ومبنى هذا الموقف هو دعوى الروافض أن الصحابة رضوان الله عليهم أنكروا النص على إمامة علي وبايعوا أبا بكر، وقد مضى بيان بطلان النص بالنقل والعقل وبالأمور المتواترة المعلومة. وما بني على الباطل فهو باطل.
ولقد كان حكمهم بردة ذلك "الجيل القرآني الفريد" من الظواهر الواضحة على بطلان مذهب الرفض من أساسه، وأنه إنما وضع أصوله شرذمة من الزنادقة، وبطلان هذه المقالة معروف بداهة، ولذلك قال أحمد الكسروي (الإيراني والشيعي الأصل) : "وأما ما قالوا من ارتداد المسلمين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فاجتراء منهم على الكذب والبهتان، فلقائل أن يقول: كيف ارتدوا وهم كانوا أصحاب النبي آمنوا به حين كذبه الآخرون، ودافعوا عنه واحتملوا الأذى في سبيله ثم ناصروه في حروبه، ولم يرغبوا عنه بأنفسهم، ثم أي نفع لهم في خلافة أبي بكر ليرتدوا عن دينهم لأجله؟! فأي الأمرين أسهل احتمالاً: أكذب رجلاً أو رجلين من ذوي الأغراض الفاسدة، أو ارتداد بضع مئات من خلص المسلمين؟ فأجيبونا إن كان