للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان هذا موقف خمسة من كبار مراجع الشيعة في العصر الحاضر إزاء مسألة فرعية يجزمون بخطئها، فكيف يرجى أن يستجيبوا لتعديل أصولهم؟!

ومن هذه الحقائق يتبين أن الشيعة لا يتركون تقيتهم.. ولا يتخلون عنها حتى يقوم القائم كما تؤكده نصوصهم وأفعالهم.

وإن كان استعمال "التقية" عندهم يخف ويشتد بحسب الظروف والأحوال.. أعني أنه كلما كانت للشيعة دولة وقوة كان التزامها بالتقية أضعف، ونجد هذا واضحاً في مقارنة بين ما كتبه شيوخ الدولة الصفوية، مثل: كتابات المجلسي في بحار الأنوار، ونعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية، والكاشاني في تفسير الصافي، والبحراني في تفسير البرهان وغيرهم، بحيث تجد منهم الجرأة على إعلان كثير من الأفكار التي كانت موضع السرية عند الشيعة.. بالمقارنة إلى سابقيهم إبان قوة الدولة الإسلامية، حيث نجد في الغالب في نهاية كل نص من نصوصهم الأمر بحفظ السر وكتمان المبدأ (١) . حتى إن مسألة الولاية كانت موضع السرية عندهم في بادئ الأمر (٢) .

وبعد، هذه جملة من آراء المعاصرين وعقائدهم تبين نهجهم العقدي في هذا العصر.. وما لم يكن فيه جديد أو دعوى جديدة عما مضى لم أتعرض له، لأن الصلة مادامت قائمة ووثيقة في أصول التلقي فلا أمل في تغيير إلى الأفضل.

وبهذا يتبين أن المعاصرين هم أخطر من سابقين؛ لأنهم ورثوا كل ما صنعته القرون من الدس والتزوير، واعتبروا تلك مصادر معتمدة.. ووفرت لهم "الطباعة الحديثة" انتشار الكتب عنهم.. وكان ضعف المسلمين سبباً في زيادة نشاطهم، وكان فشو الجهل وضعف السنة عاملاً من عوامل التأثر بهم، وتأثير ضلالهم.


(١) انظر - مثلاً -: نص عقيدة الطينة ص (٩٦٠-٩٦١) من هذه الرسالة
(٢) انظر: ص (٦٥٨) من هذه الرسالة

<<  <  ج: ص:  >  >>