للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل الإمامة أنكرت ذلك (١) .

ومثل دعوى المفيد يدعي النوري الطبرسي أن إجماع الشيعة قائم على هذا الكفر، إلى أن جاء ابن بابويه القمي فخالف ذلك حتى قال: "إن ابن بابويه القمي أول من أحدث هذا القول في الشيعة في عقائده" (٢) .

ولعل القارئ يدرك محاولة هذا الطبرسي، لأن يجعل الشيعة منذ نشأتها كانت على مذهبه، وأن مخالفة هذا المذهب كانت طارئة، والحقيقة التي لا يماري فيها مسلم، ولا يشك فيها من سبر التطور العقدي عند هؤلاء القوم أن أوائل الشيعة ما كانت على هذا الكفر، ما كان خلاف الشيعة في أول الأمر إلا في مسألة الإمامة ومن أحق بالإمامة، ثم ما لبثت أن انجرت من بدعة إلى أخرى حتى رأينا شيوخهم في القرن الثالث يتسابقون للوقوع في هذا الكفر، فأورثهم ذلك ذلاً وعاراً ومقتاً من المسلمين، فأراد ابن بابويه الرجوع بهم إلى الأصل - كما هو الظاهر - ولكن عقيدة التقية لديهم جعلت محاولة ابن بابويه لا تثمر ثمارها، وتبع ابن بابويه ثلاثة آخرون من شيوخهم، كلهم أنكروا هذا - كما مر -.

ويذكر النوري الطبرسي بأنه لا يوجد من القرن الرابع إلى القرن السادس خامس لهؤلاء الأربعة الذين ذكرناهم، ويقول إنه: "لم يعرف الخلاف صريحاً إلا من هؤلاء الأربعة" (٣) .

إذن بعدما استشرى هذا البلاء في الإمامية لم نجد من شيوخهم من يعلن إنكاره


(١) حيث ذكر أن "جماعة من أهل الإمامة (قالت) : إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة" (انظر: أوائل المقالات: ص ٥٥) ، وسنرى في مبحث "عقيدتهم في الإجماع " اضطرابهم في أمر الإجماع حيث تجد الإجماعات المتعارضة، ودعوى الشخص منهم للإجماع مع نقله للخلاف فيه
(٢) فصل الخطاب، الورقة ١١١ (النسخة المخطوطة)
(٣) فصل الخطاب: ١٥ (المخطوط) وص ٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>