للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن يلزم منه ألا يعمل به لارتفاع الثقة عنه، وهذا مخالف لما عليه الشيعة والأئمة.. فقال: "وما قيل من طرفهم أنه يلزم عليه ارتفاع الموثوق بالآيات الأحكامية، وينتفي جواز الاستدلال بها لمكان جواز التحريف عليها. فجوابه: أنهم عليهم السلام أمرونا في هذه الأعصار بتلاوة هذا القرآن والعمل بما تضمنته آياته لأنه زمن هدنة، فإذا قامت دولتهم وظهر القرآن كما أنزل الذي ألفه أمير المؤمنين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وشده في ردائه وأتى إلى أبي بكر وعمر وهما في المسجد في جماعة من الناس فعرضه عليهم فقالوا: لا حاجة لنا في قرآنك ولا فيك عندنا من القرآن ما يكفينا. فقال: لن تروه بعد هذا اليوم حتى يقوم قائمنا. فعند ذلك يكون ذلك القرآن هو المتداول بين الناس مع أن ما وقع من التحريف في الآيات الأحكامية أظهروه عليهم السلام، فيقوم الظن بأن ما لم يعرفونا تحريفه لم يكن فيه تحريف" (١) .

وبعد هذا هل يحق لأحد أن يجزم بالقول: إن إنكار هؤلاء كان على سبيل التقية، والخلاف جاري بينهم وبين قومهم على أشده، والصراع واضح من خلال ما كتبه صاحب فصل الخطاب وغيره؟!

ولكن بقي أن ندرس البرهان الذي قدمه نعمة الله الجزائري في أن إنكار هؤلاء المنكرين كان على سبيل التقية بدليل أنهم "رووا في مؤلفاتهم أخباراً كثيرة تشتمل على وقوع تلك الأمور في القرآن، وأن الآية هكذا أنزلت ثم غيرت إلى هذا" (٢) . كما سبق نقله، فهل هذا حقيقي بالنسبة لأولئك المنكرين؟

نبدأ بابن بابويه القمي "الصدوق" (ت٣٨١هـ‍) باعتباره أول من أنكر على هؤلاء الغلاة، وأعلن أن هذا لا يمثل مذهب الشيعة وذلك في رسالته "الاعتقادات".


(١) شرح الصحيفة السجادية: ص ٤٣
(٢) الأنوار النعمانية: ٢/٣٥٨-٣٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>