للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كتاب الله شيئاً وأراد إنقاذ سمعة طائفته من العار الذي لحقها، ولم يستطع أن يجابه قومه بإنكار روايتهم رأساً، أو لم يتمكن من الخلاص النهائي عن تلك السموم، أو أراد الإنكار على سبيل التقية وزرع في كلامه ما ينبئ عن ذلك. الله أعلم بالسرائر.

لكن أرى من الشيعة من يذهب إلى القول بأن إنكاره تقية كنعمة الله الجزائري، ولكن لا يقدم دليلاً معيناً على هذا القول، ويكتفي بمجرد الدعوى بأنه روى في كتبه بأن الآية هكذا أنزلت ثم غيرت إلى هذا.. وبالرجوع إلى بعض كتب ابن بابويه المعروف عندهم بالصدوق للبحث عن روايات هذه الأسطورة في كتبه، فنجد من روايات هذه الأسطورة حكاية الزنديق الذي جاء لسؤال علي بن أبي طالب - كما يزعمون - والذي مر بنا نقل بعض نصوصه، والذي رواه شيخهم الطبرسي (من القرن السادس) في كتابه الاحتجاج وفيه تسعة مواضع كلها تدل على هذا الكفر (١) . كما شهد بذلك النوري الطبرسي (٢) ، نجد أن هذا الخبر يورده صدوقهم هذا في كتابه التوحيد وليس فيه ما يدل على أسطورة التحريف (٣) . فهل هذه الأسطورة زادت بعد قرنين من عصر ابن بابويه لتحشى بهذا الكفر، أو أن ابن بابويه نفسه حذف ذلك.. على آية حال هي تشهد بسلامته من التلبس بحكاية هذا الكفر الذي حملته رواية الطبرسي.

وقد احتار صاحب فصل الخطاب في تعليل هذا فقال: "وساق (يعني صدوقهم) الخبر (خبر الزنديق) مع نقصان كثير عما في الاحتجاج، منه ما يتعلق بنقصان القرآن وتغييره، إما لعدم الحاجة إليه كما يفعل ذلك كثيراً، أو لعدم موافقته لمذهبه" (٤) . ولكن ألا يحتمل أن يكون الأصل هو ما في كتاب التوحيد، وأن تلك


(١) انظر: الاحتجاج ص ٢٤٠
(٢) النوري/ فصل الخطاب: ص ٢٤٠
(٣) انظر: التوحيد ص ٢٥٥ وما بعدها
(٤) فصل الخطاب: ص ٢٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>