للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخص الطوسي أحوال رجالهم باعتراف مهمّ أجراه الله سبحانه على لسانه، يقول الطوسي: "إن كثيراً من مصنفي أصحابنا ينتحلون المذاهب الفاسدة - ومع هذا يقول: إن كتبهم معتمدة -" (١) . فكأن المهم عندهم تشيع الرجل ولا يضر بعد ذلك انتحاله لأي مذهب فاسد. ولكنهم يردون روايات الزيدية. كما ردوا روايات زيد بن علي وهو من أهل البيت كما فعل الطوسي في الاستبصار (٢) . مع أن الزيدية شيعة.

إذن المقصود عندهم هو الإمام أو الغالي، ولهذا ارتضوا أمر الجارودية مع أنها من غلاة الزيدية، ولكن ارتضوا مذهبها لأنها تكفر معظم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترد مروياتهم فتشاركهم في عموم مذهبهم (٣) . ثم بعد ذلك لا يضر أن يكونوا من أصحاب المذاهب الفاسدة، والنحل الزائفة.

بل قرر جملة من علماء الرجال عندهم كابن الغضائري، وابن المطهر الحلي بأن القدح في دين الرجل لا يؤثر في صحة حديثه (٤) . - كما مر -.

ولكن هناك جملة من رجالهم ورواة مذهبهم هم من الغلاة كما نص على ذلك شيوخ المذهب القدامى، فلم يكونوا يأخذون برواياتهم، ولكن هذا القدح في هؤلاء الرجال لم يرتضه الشيعة المتأخرون بحجة غريبة، وهي أن المذهب يتطور ويتغير فأصبح ما يعتبر عند القدامى غلواً هو اليوم من ضرورات المذهب الشيعي، فصارت مقاييسهم في نقد مذهب الرجل تتغير من عصر لعصر تبعاً لتغير المذهب وتطوره. قال الممقاني - أكبر شيوخهم في علم الرجال في هذا العصر -: "إن القدماء - يعني من الشيعة - كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب الشيعة غلواً وارتفاعاً، وكانوا يرمون بذلك أوثق الرجال كما لا يخفى على من أحاط


(١) الفهرست: ص ٢٤-٢٥
(٢) انظر: الاستبصار: ١/٦٥-٦٦
(٣) كما قرر ذلك شيخهم المفيد في أوائل المقالات، وقد مضى ذكر كلامه ص: (٤١)
(٤) رجال الحلى: ص ١٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>