للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخوارج بدع التشيع (١) ، وتتابع خروج الفرق، كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم (٢) . وقد خرج التشيع من الكوفة (٣) ، ولذلك جاء في أخبار الشيعة بأنه لم يقبل دعوتهم من أمصار المسلمين إلا الكوفة (٤) . ثم انتشر بعد ذلك في غيرها، كما خرج الإرجاء أيضاً من الكوفة، وظهر القدر، والاعتزال، والنسك الفاسد من البصرة، ظهر التجهم من ناحية خراسان.

وكان ظهور هذه البدع بحسب البعد عن "الدار النبوية" (٥) . لأن البدعة لا تنمو وتنتشر إلا في ظل الجهل، وغيبة أهل العلم والإيمان، ولذلك قال بعض السلف: من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفقهما الله للعالم من أهل السنة (٦) ؛ وذلك لسرعة تأثرها هؤلاء بأعاصير الفتنة والبدعة لضعف قدرتهم على معرفة ضلالها، واكتشاف عوارها، ولذا فإن خير منهج لمقاومة البدعة، ودرء الفرقة، هو نشر السنة بين الناس، وبين ضلال الخارجين عنها، ولذلك نهض أئمة السنة بهذا الأمر، وبينوا حال أهل البدعة، وردوا شبهاتها، كما فعل الإمام أحمد في الرد على الزنادقة والجهمية، والإمام البخاري في الرد على الجهمية، وابن قتيبة في الرد على الجهمية والمشبهة، والدارمي في الرد على بشر المريسي وغيرهم.

ولا شك بأن بيان حال الفرق الخارجة عن الجماعة، والمجانبة للسنة ضروري لرفع الالتباس، وبيان الحق للناس، ونشر دين الله سبحانه، وإقامة الحجة على تلك الطوائف، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بينة، فإن الحق لا يكاد يخفى على أحد، وإنما يضلل هؤلاء أتباعهم بالشبهات والأقوال الموهمة، ولذلك فإن أتباع تلك الطوائف هم ما بين زنديق، أو جاهل، ومن الضروري تعليم الجاهل، وكشف حال الزنديق ليعرف ويحذر.


(١) انظر: منهاج السنة لابن تيمية: ١/٢١٨-٢١٩
(٢) انظر: ص (١١٢) هامش رقم (٤)
(٣) مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٠/٣٠١
(٤) بحار الأنوار: ١٠٠/٢٥٩
(٥) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٠/٣٠٠-٣٠١
(٦) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: ١/٦٠، والقول لأيوب السختياني

<<  <  ج: ص:  >  >>