للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضلالة" وهذا الحديث هو أحد حجج جمهور المسلمين في إثبات حجية الإجماع.

وحذر من اتباع غير ذلك من الروايات المكذوبة.

فلماذا تشذ هذه الطائفة، وتأخذ بتلك الروايات المكذوبة، وتدع قول إمامهم، وتفارق الأمة، وتنبذ إجماعها، وتأخذ برأي طفل صغير أو معدوم، وتدع ما أجمع عليه أمة الإسلام، كل ذلك لأن زنديقاً وضع لها أصلاً يقول بأن ما خالف العامة فيه الرشاد "فجمعوا مخالفة أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه الرسول وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين أصلاً للنجاة، فصار كلما فعل أهل السنة شيئاً تركوه، وإن تركوا شيئاً فعلوه، فخرجوا بذلك عن الدين رأساً، وذلك هو الضلال المبين باليقين" (١) .

والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (٢) .

ولو كان هذا الأصل؛ أعني قولهم: ما خالف العامة - أي أهل السنة - فيه الرشاد، لو كان هذا من عند الأئمة كما تزعم هذه الزمة لكان الأئمة أسبق الناس إلى تطبيقه على أنفسهم، والواقع الذي يوافقنا شيوخ الشيعة عليه أن علياً - رضي الله عنه - لم يشذ عن الصحابة، بل إنه كما يقول شيخهم الشريف المرتضى: "دخل في آرائهم، وصلى مقتدياً بهم، وأخذ عطيتهم، ونكح سبيهم، وأنكحهم، ودخل في الشورى" (٣) . وغير ذلك. ولم يذهب إلى مخالفتهم في شيء مما أجمعوا عليه، وكان رضي الله عنه يكره الاختلاف، كما روى البخاري عن علي - رضي الله عنه - قال: "اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة" (٤) .

قال ابن حجر: قوله: "فإني أكره الاختلاف" أي: الذي يؤدي إلى النزاع.


(١) الألوسي/ كشف غياهب الجاهلات/ الورقة (٦)
(٢) النساء، آية: ١١٥
(٣) المرتضى/ تنزيه الأنبياء: ص ١٣٢
(٤) صحيح البخاري (مع فتح الباري) : ٧/٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>