للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب إمامهم بجواب يبدو فيه الاضطراب، حيث قال: "وإن كان كذلك فإن هذا شيء جعله الله هكذا" (١) . وهذا اعتراف منهم وهم أرباب التأويل الباطني بخلو القرآن من هذه البدعة، وهذا كافٍ في نقض مزاعمه من كتبهم. فالإقرار هو سيد الأدلة، وبأيديهم يهدمون بيوتهم.

وكأن إمامهم في جوابه هذا يقول: لا جواب عندي، الأمر هكذا، لم يبين الله لعباده سبيل عبادتهم وما يتقون.

ثم حاول بعد هذه الكلمة المضطربة أن يتلمس جوابًا بعيدًا عن الموضوع فأردف قائلاً: "أما سمعت قول أمير المؤمنين: إن باطن القدم أحق بالمسح من ظاهر القدم، ولكن الله فرض هذا على العباد" (٢) . وهذا اعتراف منهم أيضًا بأن زيارة قبر الحسين كباطن القدم (والأصح كباطن الخف) لم تدخل فيما فرض الله، ثم واصل الاعتذار فقال: "أوما علمت أن الموقف لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم ولكن الله صنع ذلك في غير الحرم" (٣) .

وهذا كسابقه اعتراف بأن الزيارة لم تفرض، وإن كانت في نظر هذه الزمرة أحق.. ثم هي في اعتذارها تحاول أن تجعل من نفسها رقيبة على تشريع رب العالمين، فكأنها تشير بأن الله سبحانه لم يفعل ما هو أولى وأحق (تعالى الله عما يقوله الظالمون) ، حيث لم يجعل موقف عرفات في الحرم بل جعله في الحل، وهكذا تتطاول هذه الزمرة الملحدة التي وضعت هذه الأخبار، وخدعت بها الأغرار تتطاول على شرع الله وحكمته، وتضع من نفسها وصية على أمر الله.

ورواياتهم في هذا كثيرة للغاية - كما أشرنا من قبل - وإنني الآن أمام زخم هائل من الروايات التي لا تخطر ببال من لم يخض غمار هذه الأساطير؛ روايات


(١) بحار الأنوار: ١٠١/٣٣، كامل الزيارات ص٢٦٦
(٢) بحار الأنوار: ١٠١/٣٣، كامل الزيارات ص٢٦٦
(٣) بحار الأنوار: ١٠١/٣٣، كامل الزيارات ص٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>