للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق فناد: يا صالح أو يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله" (١) .

قال ابن بابويه في باب: دعاء الضال عن الطريق بعد ذكره للرواية السالفة: "وروي أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة" (٢) .

ومن هو صالح أو حمزة؟ جاء ما يكشف عن هوية "صالح" في الخصال لابن بابويه بإسناده عن علي في حديث الأربعمائة قال: "ومن ضل منكم في سفر وخاف على نفسه فليناد: يا صالح أغثني، فإن في إخوانكم من الجن جنيًا يسمى صالح يسبح في البلاد لمكانكم محتسبًا نفسه لكم، فإذا سمع الصوت أجاب وأرشد الضال منكم وحبس عليه دابته" (٣) .

وهذا ورثوه فيما يبدو عن أهل الجاهلية الأولى، فهو من دينها، كما يدل على ذلك قوله سبحانه: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (٤) .

قال أهل العلم: "كانت عادة العرب في جاهليتها إذا نزلت مكانًا يعوذون بعظيم ذلك المكان أن يصيبهم بشيء يسوءهم، كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار رجل كبير وذمامته وخفارته، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقًا أي خوفًا وإرهابًا وذعرًا حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذًا بهم، كما قال قتادة {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أي إثمًا، وازدادت الجن عليهم بذلك جرأة ... فإذا عاذوا بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك" (٥) .


(١) ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: ٢/١٩٥، البرقي/ المحاسن: ص٣٦٢ (وفيه أخطأتم الطريق) ، وسائل الشيعة: ٨/٣٢٥
(٢) من لا يحضره الفقيه: ٢/١٩٥، المحاسن: ص٣٦٢، وانظر: وسائل الشيعة: ٨/٣٢٥
(٣) الخصال: ٢/٦١٨، وسائل الشيعة: ٨/٣٢٥
(٤) الجن، آية: ٦
(٥) تفسير ابن كثير: ٤/٤٥٤-٤٥٥، وانظر: تفسير الطبري ٢٩/١٠٨، فتح القدير: ٥/٣٠٥، وقد جاء هذا المعنى في كتب التفسير عند الشيعة: انظر: البرهان: ٤/٣٩١، تفسير القمي =

<<  <  ج: ص:  >  >>