للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} (١) .

ولكنهم مع ذلك أشركوا مع الله غيره في عبادته، ولهذا قال سبحانه: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) (٢) . قال مجاهد: "إيمانهم بالله قولهم: إن الله خلقنا ويرزقنا ويميتنا فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره" (٣) .

فهل كانت الشيعة أكثر كفرًا من المشركين في هذا؟

لقد بين أهل العلم أن الإيمان بربوبية الله سبحانه أمر قد فطر عليه البشر وأن الشرك في الربوبية باعتبار إثبات خالقين متماثلين في الصفات والأفعال لم يثبت عن طائفة من الطوائف في التاريخ البشري، وإنما ذهب بعض المشركين إلى أن ثم خالقًا خلق بعض العالم (٤) .

ولهذا كان السؤال: هل تأثر هذا الأصل في دين الشيعة؟، بمعنى هل وجد الإشراك الجزئي عندهم، باعتبار ما يولونه الأئمة من اهتمام، وما يعطونهم من أوصاف، وما يضفونه عليهم من ألقاب؟

سيتبين هذا من خلال التتبع لما جاء عن أئمتهم في كتبهم المعتمدة، ورواياتهم المعتبرة عندهم، حيث أعرض خمسة مباحث: أولها: قولهم: إن الرب هو الإمام، وثانيها: اعتقادهم أن الدنيا والآخرة للإمام، وفي المبحث الثالث: قولهم: إن السحاب والرعد هو من أمر الأئمة، ومسخر للأئمة وهو ما أسميته (إسناد الحوادث الكونية إلى الأئمة) ، وفي المبحث الرابع: قولهم بحلول جزء إلهي في الأئمة، وفي الخامس: زعمهم تأثير الأيام بالنفع والضر، وسيأتي أيضًا في


(١) يونس، آية: ٣١
(٢) يوسف، آية:١٠٦
(٣) تفسير الطبري: ٢٣١/٧٧-٧٨، وانظر: تفسير ابن كثير: ٢/٥٣٢
(٤) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: ٣/٩٦-٩٧، شرح العقيدة الطحاوية: ص ١٧-١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>