للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي عبد الله عليه السلام: "إن قومًا بالعراق يصفون الله بالصورة وبالتخطيط فكتب إليّ: سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وتعالى عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله، فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز، فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه (١) . لا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان" (٢) . وعن المفضل قال: سألت أبا الحسن عن شيء من الصفة فقال: "لا تجاوز ما في القرآن" (٣) .

لاحظ أن هذا النص الذي ورد في أصح كتبهم الأربعة يأمرهم باتباع ما نزل به القرآن من صفات الله سبحانه. فمن قلد أهل الاعتزال، أو حكم العقل وأعرض عن كتاب الله، لم يتبع كتاب الله، ولم يأخذ بوصية إمامه.

قال الرضا: "للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه؛ فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيء والسبيل في الطريقة الثالثة إثبات بلا تشبيه" (٤) .

فأوائل الشيعة أخذوا بالتشبيه وأواخرهم أخذوا بالنفي، وأعرضوا عن المذهب الوسط، وهو مذهب الأئمة كما تقر به "نقولهم" فدل على أنهم ليسوا على


(١) مذهب السلف بين مذهبين، وهدي بين ضلالتين: هو إثبات الصفات، ونفي مماثلة المخلوقات، فقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد على أهل التشبيه، والتمثيل. وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} رد على أهل النفي والتعطيل (انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٥/١٩٦) لكن لفظ التشبيه صار في كلام الناس لفظًا مجملاً يراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل من أن صفات الرب لا يوصف بها شيء من المخلوقات، ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته، ويراد به معنى باطل وهو أن لا يثبت لله شيء من الصفات (انظر: شرح الطحاوية ص٤٠)
(٢) أصول الكافي: ١/١٠٠
(٣) السابق: ١/١٠٢
(٤) بحار الأنوار: ٣/٢٦٣

<<  <  ج: ص:  >  >>