للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلهًا، أو يدفع عن وهم بعض الحاضرين المنكر لفضله ما نسبوه إليه من العلم بالغيب حفظًا لنفسه، وإلا فهو رضي الله عنه كان عالمًا بما كان وما يكون، فكيف يخفى عليه مكان الجارية؟ فإن قلت: إخباره بذلك على هذا يوجب الكذب، قلت: إنما يوجب الكذب لو لم يقصد التورية وقد قصدها، فإن المعنى ما علمت علمًا غير مستفاد منه تعالى بأنها في أي بيوت الدار" (١) .

انظر التكلف العجيب في رد هذه الرواية لإثبات أن الإمام يعلم ما كان وما يكون حتى ارتكب في سبيل ذلك نسبة الإمام إلى الكذب، وهدم أصلاً من أصولهم وهو العصمة.

وإذا كان الإمام أراد بهذا القول ألا يتخذه الجهال إلهًا فهل أنت بإثباتك لضد قوله تريد أن تدعو إلى تأليه الإمام، وأين الدليل على وجود بعض الحاضرين الذين يخشى من وجودهم الإمام وسلسلة السند كلهم شيعة؟! وعلى أي وجه من وجوه اللغة يعتبر هذا من قبيل التورية؟!

أما شيخهم الآخر الشعراني المعلق على الشرح فلم يعجبه هذا التكليف في تأويل الرواية، ورام ردها بأقصر طريق وهو الحكم بأن الرواية كذب (٢) .

وهكذا يشيع الزنادقة عن علماء أهل البيت مثل هذه الإشاعات الكاذبة، فإذا أنكروا على هؤلاء الزنادقة فريتهم، وفضحوا باطلهم أمام الملأ حمل شيوخ الشيعة هذا التكذيب والإنكار على التقية.. فصارت التقية حيلة بيد غلاة الشيعة لإبقاء التشيع في دائرة الغلو، ورد الحق، والإساءة لأهل البيت.

وقد ادعى زارة بن أعين أن جعفر بن محمد يعلم أهل الجنة وأهل النار، فأنكر ذلك جعفر لما بلغه ذلك، وكفّر من قاله، ولكن زرارة حينما نقل له موقف جعفر قال لمحدثه: "لقد عمل معك بالتقية" (٣) .


(١) المازندراني/ شرح جامع (على الكافي) : ٦/٣٠-٣١
(٢) تعاليق علمية (على الكافي وشرحه) : ٦/٣١
(٣) انظر قصة ذلك في ميزان الاعتدال، ترجمة زرارة بن أعين: ٢/٦٩-٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>