للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أحد شيوخهم: "أمّا الإماميّة فالعدل من أركان الإيمان عندهم بل ومن أصول الإسلام" (١) .

مع أن أقوال الأئمة - كما أثبتته كتبهم المعتمدة عندهم - لا تصرح بنفي القدر في أكثر رواياتهم - كما مضى - بل تهاجم المعتزلة وتنتقد مذهبها في القدر، كما تقرر جملة أن الحق ليس مع المعتزلة القدرية، ولا مع الجبرية بل الحق منزلة أخرى ثالثة، وهذا حق، ولكن تفسير هذه المنزلة، أو الأمر بين الأمرين ما هو؟

لقد أحجمت بعض رواياتهم عن تفيسر هذا واكتفت بإطلاق هذا القول. ولما سئل أبو عبد الله عن معناه لم يجب وقالت رواياتهم في وصف موقفه من هذا السؤال: "فقلب يده مرتين أو ثلاثًا ثم قال: لو أجبتك فيه لكفرت" (٢) .

وقد حمل بعض شيوخهم هذا الموقف من "جعفر" على التقية "لأنه - بزعمهم - كان يعلم أنه لا يدركه عقل السائل فيشك فيه أو يجحده فيكفر" (٣) .

ولعل هذا التوقف هو ما أشار إليه الأشعري من أنه أحد مذاهب الرافضة الثلاثة. كما أن المذهب الأول قد جاء على لسان شيخهم المفيد في قوله: "إن أفعال العباد غير مخلوقة لله" (٤) . وقد لوحظ أن المذهب الثالث وهو الإثبات قد نطقت به طائفة من رواياتهم، فأنت ترى أن المذاهب الثلاثة للرافضة التي أشار إليها الأشعري في مقالاته قد وجدت كلها ضمن مقالات الاثني عشرية ورواياتهم.

وذكر صدوقهم في عقائده رواية تفسر قولهم بالأمر بين الأمرين؛ حيث


(١) هاشم معروف/ الشّيعة بين الأشاعرة والمعتزلة: ص٢٤٠، عبد الأمير قبلان/ عقيدة المؤمن: ص٤٣
(٢) ابن بابويه/ التوحيد: ص٣٦٣، بحار الأنوار: ٥/٥٣، وجاءت روايات أخر شبيهة بهذا منها ما يقول بأن ذلك "سر من أسرار الله". (بحار الأنوار: ٥/١١٦) أو "أن بينهما ما بين السماء والأرض" (المصدر السابق ٥/١١٦) ، وما ماثل ذلك
(٣) المجلسي/ بحار الأنوار: ٥/٥٣-٥٤
(٤) شرح عقائد الصدوق: ص١٠-١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>