للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفيد أن من شيوخ الشيعة المتأخرين من يذهب إلى ما ذهب إليه أوائلهم، وما قررته معظم رواياتهم إذا لم يكن قد جعل لكلماته ضربًا من التأويل أو لونًا من الاتقاء فذاك علمه عند الله.

وهذا لا ينفي أن شيوخ المذهب وأساطين الطّائفة قد ذهبوا في الغالب إلى ما ذهب إليه أهل الاعتزال.

ويمكن أن يقال: قد كان في القديم الإثبات هو الأصل والنفي طارئ نتيجة التأثر بالاتجاه الاعتزالي، وعند المتأخرين النفي هو الكثير الغالب، والإثبات موجود عند البعض.

ولا شك بأن من قال بالنفي فقد قال بجزء من الأدلة وعطل الباقي، ومن قال بالجبر فقد عمل بالجزء الآخر وعطل ما سواه، ومن أخذ بالقول الوسط فقد أعمل الأدلة كلها، وآيات القرآن أثبتت للعبد فعلاً وقدرة ومشيئة، ولكنها تابعة لقدرة الله ومشيئته، قال تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ} (١) .

قال شيخ الإسلام:

"فجمهور أهل السنة من السلف والخلف يقولون: إن العبد له قدرة وإرادة وفعل، والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء، كما دل على ذلك الكتاب والسنة" ثم ساق الأدلة في ذلك (٢) .

والروايات الكثيرة عند الرافضة - والتي مضى بعضها - هي أكبر شاهد من مذهبهم نفسه على بطلان ما ذهب إليه شيوخهم من الأخذ بمذهب أهل


(١) الإنسان، آية: ٣٠، التكوير، آية: ٢٩
(٢) انظر: منهاج السنة: ١/٢٠-٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>