للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان فقيرًا، وزكاة الفضة إنما تجب على من ملك النصاب حولاً وعلي لم يكن من هؤلاء.

كذلك فإن إعطاء الخاتم في الزكاة لا يجزي عند كثير من الفقهاء إلا إذا قيل بوجوب الزكاة في الحلي، وقيل إنه يخرج من جنس الحلي، ومن جوز ذلك بالقيمة فالتقويم في الصلاة متعذر، والقيم تختلف باختلاف الأحوال (١) .

سادسًا: لما تبين أن الروايات التي أولوا بمقتضاها الآية باطلة سندًا ومتنًا، فلا متمسك لهم حينئذ بالآية بوجه سائغ؛ بل إن الآية حجة عليهم؛ لأنها جاءت بالأمر بموالاة المؤمنين، والنهي عن موالاة الكافرين (٢) ، وليس للرافضة - فيما يظهر من نصوص وتاريخها - من ذلك نصيب.

وهذا المعنى يدرك بوضوح من سياق الآيات؛ إذ قبل هذه الآية الكريمة جاء قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٣) . فهذا نهي صريح عن موالاة اليهود والنصارى بالود والمحبة والنصرة.. ولا يراد بذلك باتفاق الجميع الولاية بمعنى الإمارة، وليس هذا بوارد أصلاً، ثم أردف ذلك بذكر من تجب موالاته وهو الله ورسوله والمؤمنون، فواضح من ذلك أن موالاة المحبة والنصرة التي نهى عنها في الأولى هي بعينها التي أمر بها المؤمنين في هذه الآية بحكم المقابلة كما هو بين جلي من لغة العرب.

قال الرازي: "لما نهى في الآيات المتقدمة عن موالاة الكفار، أمر في هذه الآية بموالاة من تجب موالاته" (٤) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنه من المعلوم


(١) منهاج السنة: ٤/٥
(٢) حتى وإن ثبت أن لها سبب نزول خاص (راجع كتب التفسير في سبب النزول) ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
(٣) المائدة، آية: ٥١
(٤) تفسير الفخر الرازي: ١٢/٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>