للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليًا - عليه السلام - زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب، استعظم ذلك وقال: ما علمت بهذا، وتاب وتصدق بأكثر ماله وأعتق مماليكه ورد كثيرًا من المظالم وبكى حتى غشي عليه" (١) . لشعوره بعظيم جرمه فيما سلف من عمره، الذي أمضاه ينهش في أعراض هؤلاء الأطهار مغترًا بشبهات الروافض.

وقد حاول شيوخ الشّيعة إبطال مفعول هذا الدّليل فوضعوا روايات الأئمّة تقول: "ذلك فرج غصبناه" (٢) ، فزادوا الطين بلة، حيث صوّروا أمير المؤمنين في صورة "الدّيّوث" الذي لا ينافح عن عرضه، ويقر الفاحشة في أهله، وهل يتصور مثل هذا في حق أمير المؤمنين علي؟! "إنّ أدنى العرب يبذل نفسه دون عرضه، ويقتل دون حرمه، فضلاً عن بني هاشم الذين هم سادات العرب وأعلاها نسبًا وأعظمها مروءة وحمية، فكيف يثبتون لأمير المؤمنين مثل هذه المنقصة الشنيعة، وهو الشجاع الصنديد، ليث بني غالب، أسد الله في المشارق والمغارب؟! " (٣) .

ويبدو أن بعضهم لم يعجبه هذا التوجيه، فرام التخلص من هذا الدليل بمنطق أغرب وأعجب، حيث زعم أنّ أم كلثوم لم تكن بنت علي ولكنّها جنّيّة تصوّرت بصورتها (٤) .

ومن القرائن أيضًا علاقات القربى القائمة بينهم، ووشائج الصلة، وكذلك مظاهر المحبة، حتى إنّ عليًّا والحسن والحسين يسمّون بعض أولادهم باسم أبي بكر وعمر، وهل يطيق أحد أن يسمي أولاده بأسماء أشد أعدائه كفرًا وكرهًا له؟ وهل يطيق أن يسمع أسماء أعدائه تتردد في أرجاء بيته، يرددها مع أهلها في يومه


(١) ابن الجوزي/ المنتظم: ٧/٣٨-٣٩
(٢) فروع الكافي: ٢/١٠، وسائل الشّيعة: ٧/ ٤٣٤-٤٣٥
(٣) السويدي/ مؤتمر النّجف: ص٨٦
(٤) انظر: الأنوار النّعمانيّة: ١/ ٨٣-٨٤، وقد جاء مثل هذا التّوجيه في كتب الإسماعيليّة. انظر: الهفت الشّريف: ص٨٤ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>