للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه ثلمة لا تسد، وفتق لا يرتق في المذهب الاثني عشري لا يبقي ولا يذر لحججهم وزنًا ولا أثرًا، وكذلك أجداده من قبل إذ لم يتول منهم أحد ما عدا أمير المؤمنين علي، والحسن قبله تنازله، ولهذا قال أهل العلم: إن دعوى العصمة عندهم ليس عليها دليل إلا زعمهم بأن الله لم يخل العالم من أئمة معصومين لما في ذلك من المصلحة واللطف.. وكذلك أجداده المتقدمون لم يحصل بهم المصلحة واللطف الحاصلة من إمام معصوم ذي سلطان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، فإنه كان إمام المؤمنين الذي يجب عليهم طاعته، ويحصل بذلك سعادتهم، ولم يحصل بعده أحد له سلطان تدعى له العصمة إلا علي - رضي الله عنه - ومن المعلوم أن المصلحة واللّطف الذي كان المؤمنون فيها زمن الخلفاء الثّلاثة أعظم من المصلحة واللّطف الذي كان في خلافة علي زمن القتل والفتنة والافتراق (١) .

أما من دون علي فإنما كان يحصل للناس من علمه ودينه مثل ما يحصل من نظرائه، وكان علي بن الحسين وابنه أبو جعفر، وابنه جعفر بن محمد يعلمون الناس ما علمهم الله كما علمه علماء زمانهم، وكان في زمانهم من هو أعلم منهم وأنفع للأمة، وهذا معروف عند أهل العلم، ولو قدر أنهم كانوا أعلم وأدين فلم يحصل من أهل العلم والدين ما يحصل من ذوي الولاية من القوة والسلطان، وإلزام الناس بالحق ومنعهم باليد عن الباطل.

وأما من بعد الثلاثة كالعسكريين فهؤلاء لم يظهر عليهم علم تستفيده الأمة، ولا كان لهم يد تستعين بها الأمة؛ بل كانوا كأمثالهم من الهاشميين لهم حرمة ومكانة، وفيهم من معرفة ما يحتاجون إليه في الإسلام والدين ما في أمثالهم، وهو ما يعرفه كثير من عوام المسلمين.. ولذلك لم يأخذ عنهم أهل العلم كما أخذوا عن أولئك الثلاثة (٢) .


(١) منهاج السّنّة: ٢/١٠٤
(٢) منهاج السنة: ٣/٢٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>