للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختلاف والتناقض؛ إذ لما رأوا في أقوال الأئمة في المسألة الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة، وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة، فلما وقفوا على ذلك منهم، قالت لهم أئمتهم (١) .: إنما أجبنا بهذا للتقية، ولنا أن نجيب بما أجبنا وكيف شئنا، لأن ذلك إلينا، ونحن نعلم بما يصلحكم، وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم، وكف عدوكم عنا وعنكم، قال: فمتى يظهر من هؤلاء على كذب، ومتى يعرف لهم حق من باطل؟! (٢) .

ثالثًا: تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت بحيث يوهمون الأتباع أن ما ينقله (واضعو مبدأ التقية) عن الأئمة هو مذهبهم، وأن ما اشتهر وذاع عنهم، وما يقولونه، ويفعلونه أمام المسلمين لا يمثل مذهبهم وإنما يفعلونه تقية فيسهل عليهم بهذه الحيلة رد أقوالهم، والدس عليهم، وتكذيب ما يروى عنهم من حق، فتجدهم مثلاً يردون كلام الإمام محمد الباقر أو جعفر الصادق الذي قاله أمام ملأ من الناس، أو نقله العدول من المسلمين بحجة أنه حضره بعض أهل السنة فاتقى في كلامه، ويقبلون ما ينفرد بنقله الكذبة أمثال جابر الجعفي بحجة أنه لا يوجد أحد يتقيه في كلامه.

وبحسبك أن تعرف أن الإمام زيد بن علي وهو من أهل البيت يروي عن علي - رضي الله عنه - كما تنقله كتب الاثني عشرية نفسها - أنه غسل رجليه في الوضوء، ولكن من يلقبونه ب‍"شيخ الطائفة" لا يأخذ بهذا الحديث ولا يجد حجة يحتج بها سوى دعوى التقية، فهو يورد الحديث في الاستبصار عن زيد بن علي عن جده علي بن أبي طالب قال: "جلست أتوضأ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ابتدأت الوضوء - إلى أن قال - وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار" (٣) . فأنت ترى أن عليًا كان يغسل رجليه في وضوئه، وأن


(١) حسب مقالة شيوخ السوء عنهم
(٢) القمي/ المقالات والفرق: ص٧٨، النوبختي/ فرق الشيعة: ص٦٥-٦٦
(٣) الاستبصار: ١/٦٥/٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>