للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لموته، وتواتر ذلك عن الولي له والعدو، وهذا ما لا يجب الارتياب فيه، وصح بمثل هذه الأسباب أنه لا ولد له، فلما صح عندنا الوجهان ثبت أنه لا إمام بعد الحسن بن علي، وأن الإمامة انقطعت.. كما جاز أن تنقطع النبوة بعد محمد، فكذلك جائز أن تنقطع الإمامة، لأن الرسالة والنبوة أعظم خطرًا وأجل، والخلق إليها أحوج، والحجة بها ألزم، والعذر بها أقطع، لأن معها البراهين الظاهرة والأعلام الباهرة، فقد انقطعت، فكذلك يجوز أن تنقطع الإمامة" (١) .

وقطعت كذلك فرقة أخرى بموت الحسن بن علي وأنه لا خلف له، وقالت: إن الله سيبعث قائمًا من آل محمد ممن قد مضى، إن شاء بعث الحسن بن علي، وإن شاء بعث غيره، ونحن الآن في زمن فترة انقطعت فيه الإمامة (٢) .

وهكذا تضاربت أقوالهم، واختلفت اتجاهاتهم، وتفرقوا شيعًا وأحزابًا كل حزب بما لديهم فرحون.. وبلغت الحيرة في تلك الفترة أن اختار بعضهم التوقف وقال: "نحن لا ندري ما نقول في ذلك وقد اشتبه علينا الأمر.." (٣) .

هذه بعض ملامح الخلاف الذي دب بين الشيعة بعد وفاة الحسن.

أسباب القول بالغيبة:

ولعل القارئ يعجب من ذلك الإصرار الشديد على القول بإمامة أحد من آل البيت حتى ينكرون موت من مات، أو يدعون أنه حي بعد موته، أو يخترعون ولدًا لمن لا عقب له، وقليل منهم ثاب إلى رشده لما انكشف له الغطاء بموت الإمام عقيمًا فترك التحزب والتشيع وقال بانقطاع الإمامة، ورجع إلى شئون حياته. ولعل هذه الفئة هي التي تتشيع عن صدق، فلما تبين لها الأمر، وسقط القناع رجعت.


(١) المقالات والفرق: ص١٠٧-١٠٨، فرق الشيعة: ص١٠٥
(٢) المقالات والفرق: ص١٠٨، وانظر: فرق الشيعة: ص١٠٥
(٣) المقالات والفرق: ص١١٥-١١٦، وانظر: فرق الشيعة: ص١٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>