للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت أحمل الأموال التي تحصل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فيقبضها مني فحملت إليه شيئًا من الأموال في آخر أيامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين، فأمر بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي فكنت أطالبه بالقبوض، فشكا ذلك إلى أبي جعفر (محمد بن عثمان) فأمرني ألا أطالبه بالقبوض، وقال: كل ما وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إليّ، فكنت أحمد بعد ذلك الأموال إليه ولا أطالبه بالقبوض (١) .

ولما تردد أحدهم في تسليم أمواله إلى أبي القاسم بن روح غضب منه الباب محمد بن عثمان وقال له: لم لم تمتثل ما قلته لك؟ ولكن الرجل حاول أن يلاطفه ويهدئ من غضبه خشية أن يخرج له توقيعًا بلعنه والبراءة منه كعادة (٢) . الأبواب فيمن يرفض دفع الأموال إليهم، فقال له متلطفًا: "لم أجسر على ما رسمته لي" إلا أن الباب أجابه وهو غاضب وقال له: "قم كما أقوال لك" يقول الرجل: "فلم يكن عندي غير المبادرة، فصرت إلى أبي القاسم بن روح وهو دار ضيقة فعرّفته ما جرى فسر به وشكر الله عز وجل، ودفعت إليه الدنانير، وما زلت أحمد إليه ما يحصل في يدي بعد ذلك من الدنانير" (٣) .

فأنت تلاحظ ما تحيط به الرموز الشيعية نفسها من صفة القداسة، وما تضفي به على قولها من العصمة ووجوب الطاعة المطلقة، وإلا فاللعن والطرد من رحمة الله.

كما تلاحظ بأن لغة المال هي السائدة في التوقيعات المنسوبة للمنتظر وعلى ألسنة الأبواب والوكلاء.

وكان اختيار أبي القاسم لأنه أحفظ لسر المكان الذي يقيم فيه الغائب،


(١) الغيبة للطوسي: ص٢٢٥-٢٢٦
(٢) وهي كصكوك الحرمان عند النصارى
(٣) الغيبة للطوسي: ص٢٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>