للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتخصيص السرداب بتلك الأدعية والمناجاة والاستئذان عند الدخول.. يدل على أن واضعي تلك الروايات يوهمون أتباعهم بوجوده في السرداب، ولهذا قال ابن خلكان: "والشيعة ينتظرون خروجه في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى" (١) . وذكر ابن الأثير أنهم يعتقدون أن المنتظر بسرداب سامراء (٢) .

ورغم ذلك فإن بعض الشيعة المعاصرين ينفي ما هو واقع ويقول: "لم يرد خبر ولا وجد في كتاب من كتب الشيعة أن المهدي غاب في السرداب.. ولا أنه عند ظهوره يخرج منه، بل يكون خروجه بمكة ويبايع بين الركن والمقام" (٣) .

ولكن عمل الشيعة يخالف ذلك، ويتفق مع ما جاء في كتب الزيارة عندهم. فقد ظل الشيعة - كما يقول الشيعي أمير علي - إلى أواخر القرن الرابع عشر الميلادي الذي صنف فيه ابن خلدون تاريخه الكبير يجتمعون في كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب سرداب سامراء فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم ثم ينفضون إلى بيوتهم بعد طول الانتظار وهم يشعرون بخيبة الأمل والحزن (٤) .

وكان هذا الانتظار مثار سخرية الساخرين حتى قيل:

ما آن للسرداب أن يلد الذي ... كلمتموه بجهلكم ما آنا

فعلى عقولكم العفاء فإنكم ... ثلثتم العنقاء والغيلانا (٥) .

وقال ابن القيم: "ولقد أصبح هؤلاء عارًا على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل" (٦) . ولهذا جاء في أدعيتهم ما يشعر بأنهم صاروا بهذا الاعتقاد


(١) وفيات الأعيان: ٤/١٧٦
(٢) الكامل: ٥/٣٧٣
(٣) محسن الأمين/ البرهان على وجود صاحب الزمان: ص١٠٢
(٤) أمير علي/ روح الإسلام: ١/٢١٠، وانظر: مقدمة ابن خلدون: ٢/٥٣١- ٥٣٢، وانظر: ابن القيم/ المنار المنيف: ص١٥٢
(٥) انظر: الصواعق المحرقة: ص١٦٨، المنار المنيف: ص١٥٢
(٦) المنار المنيف: ص١٥٢-١٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>