للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن مسألة النيابة لهؤلاء الأربعة تخولهم التشريع، لأنهم ينطقون عن المعصوم، وللمعصوم حق تخصيص، أو تقييد، أو نسخ نصوص الشريعة - كما مر - ولذلك كان للتوقيعات الصادرة منهم نفس المنزلة التي لكلام الإمام أو أقوى كما سلف (١) .

وكذلك تخولهم إصدار صكوك الغفران أو الحرمان، وأخذ أموال الوقف والزكاة والخمس باسم الإمام. ولكن هذه النيابة انتهت إذ "لما حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي فقال: لله أمر هو بالغه. فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد السمري" (٢) .

وقد يكون من أهداف موافقة القواعد الشيعية لإغلاق السمري للبابية وإشاعة ذلك بين الأتباع هو المحافظة على فكرة غيبة المهدي من افتضاح حقيقتها وانكشاف أمرها؛ حيث كثر الراغبون فيها من شيوخ الشيعة ولا سيما في عهد سلفه أبي القاسم بن روح، وعظم النزاع بينهم ووصل الأمر إلى التلاعن والتكفير والتبري، كما يلحظ ذلك في التوقيعات التي خرجت على يد الأبواب منسوبة للمنتظر (٣) .

فأغلق السمري حكاية البابية.

وهنا حصل تطور آخر في مسألة النيابة، وفي المذهب الشيعي عمومًا، حيث جعلت النيابة حقًا مطلقًا للشيوخ، فقد أصدرت الدوائر الاثنا عشرية "توقيعًا" منسوبًا للمنتظر الموهوم. وخرج بعد إعلان انتهاء البابية على يد السمري. يقول التوقيع: "أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله" (٤) . فأعلن انقطاع الصلة المباشرة بالمهدي وفوض أمر النيابة عن


(١) انظر: ص (٣٣٨)
(٢) الغيبة للطوسي: ص٢٤١-٢٤٢
(٣) انظر: الغيبة للطوسي: ص٢٤٤، وما بعدها
(٤) الكافي - مع شرحه مرآة العقول -: ٤/٥٥، إكمال الدين: ص٤٥١، الغيبة للطوسي: ص١٧٧، الاحتجاج للطبرسي: ص١٦٣، وسائل الشيعة: ١٨/١٠١، محمد مكي العاملي/ الدرة الطاهرة: ص٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>