للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر أصحاب المقالات أن السبب الذي جوزت لأجله الكيسانية البداء على الله تعالى هو: أن مصعب بن الزبير أرسل جيشًا قويًا لقتال المختار وأتباعه فبعث المختار إلى قتالهم أحمد بن شميط مع ثلاثة آلاف من المقاتلة وقال لهم: أوحي إلي أن الظفر يكون لكم، فهزم ابن شميط (١) . فيمن كان معه فعادوا إليه فقالوا: أين الظفر الذي قد وعدتنا؟ فقال المختار: هكذا كان قد وعدني ثم بدا فإنه سبحانه وتعالى قد قال: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (٢) . (٣) .

فالسبب كما ترى أن المختار كان يدعي علم الغيب وما يحدث بالمستقبل، فكان إذا وقع خلاف ما أخبر به قال: قد بدا لربكم.

وتجد هذا المعنى في أخبار الاثني عشرية، فإنهم قد أشاعوا بين أتباعهم أن أئمتهم "يعلمون ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء" (٤) . فإذا نسبوا إلى الأئمة أخبارًا لم تقع قالوا: هذا من باب البداء.

جاء في البحار في باب البداء "عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: يا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غدًا بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت" (٥) .

وكان شيوخ الشّيعة يمنون أتباعهم بأنّ الأمر سيعود إليهم، والدّولة ستكون لهم، حتى إنّهم حدّدوا ذلك بسبعين سنة في رواية نسبوها لأبي جعفر، فلمّا مضت السّبعون ولم يتحقّق شيء من تلك الوعود اشتكى الأتباع من ذلك، فحاول


(١) وهو من قواد المختار، وقتل سنة (٦٧هـ‍)
(٢) الرعد، آية: ٣٩
(٣) الإسفراييني/ التبصير في الدين: ص٢٠، وانظر: البغدادي/ الفرق بين الفرق: ص٥٠-٥٢
(٤) أصول الكافي، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء: ١/٢٦٠
(٥) بحار الأنوار: ٤/١١٩، تفسير العياشي: ٢/٢١٧، البرهان: ٢/٢٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>