للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما القول بالبداء ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق أنه جعل إسماعيل القائم مقامه، فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه، فجعل القائم موسى فسئل عن ذلك فقال: بدا لله في أمر إسماعيل، وهذه رواية، وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علمًا ولا عملاً" (١) .

ولكن هذا - كما ترى - مخالف للواقع؛ إذ إن البداء من عقائدهم المقررة، ورواياتهم وأخبارهم فيه كثيرة، ولذلك قال المجلسي بأن هذا الجواب عجيب من الطوسي، وعزا ذلك «لعدم إحاطته بالأخبار" (٢) .

وصنف من الشيعة يقر بالبداء كعقيدة ويحاول أن يجد له تأويلاً مقبولاً.

فابن بابويه القمي يوجه "أحاديثهم" في البداء توجيهًا «تبدو» عليه ملامح الاضطراب، فهو في البداية يقول: "ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك، ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له البداء معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره" (٣) .

فأنت ترى أن حديثه هنا خارج الموضوع تمامًا لأنه تكلم عن البدء لا البداء ولا يخالف مسلم في هذا الأمر الذي يقوله، ولو كان هذا مقصودهم بالبداء لما أنكره عليهم أحد، ولما وجدوا فيه مخرجًا لتناقض رواياتهم، وتخلف وعودهم.

فالله سبحانه: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ} (٤) . وهو {يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} (٥) ، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} (٦) . وليس هذا من البداء.


(١) الطوسي/ تلخيص المحصل: ص٢٥٠
(٢) بحار الأنوار: ٤/١٢٣
(٣) التوحيد: ص٣٣٥
(٤) السجدة، آية: ٧
(٥) يونس، آية: ٤
(٦) القصص، آية: ٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>