للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخَلْق الكثير، والجَمُّ الغفير (١)، وأحاديثه ملأت الدنيا شرقًا وغربًا. وقد قال: "حَفِظْتُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وِعاءيْن. فأمَّا أحدهما: فبَثَثْتُه، وأما الآخر: فلو بَثَثْتُه، لَقُطع هذا البَلْعُوم" (٢).

وقال: "كُنْتُ امْرَأً مسكينًا، أَلْزَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شِبَع بَطْني، وكان المهاجِرون يَشغلهم الصَّفْقُ بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يَبْسُط رِداءَهُ حتى أقْضِي مقالَتي، ثم يَقْبِضه إليه فلنْ يَنْسَى شيئًا سمِعَهُ مِني، فبَسَطْت بُرْدَةً عليَّ حَتى قضى حديثه، ثم قَبضتُها إليَّ، فوالذي نَفْسي بيده ما نَسِيْت بعدُ حديثًا سمِعْته منه (٣) ".

مات سنة ثمان وخمسين (٤)، وقيل: سنة تسعٍ وخَمسين (٥).


(١) قيل: بلغ عدد أصحابه ثمان مائة، ذكر مُعظمهم صاحب (تهذيب الهذيب: ١٢/ ٢٦٢، وما بعدها)، والذهبي في: (سيره: ٢/ ٥٧٩ وما بعدها).
(٢) أخرجه البخاري في العلم: ١/ ٢١٦، باب حفظ العلم، حديث (١٢٠).
وعاءين: أبي ظرفين. أطلق المَحَل، وأراد به الحال: أبي نوعين من العِلْم، فيكون مراده إذًا أن محفوظه من الحديث، لو كُتِب لملأ وعاءين، وبهذا يندفع التعارض بين هذا الحديث وبين قوله في حديث آخر "كنت لا أَكتُب" انظر: (فتح الباري: ١/ ٢١٦).
أما قوله: (وأما الآخر: فلو بَثَثْتُه لقطع هذا البلعوم". فقد حمله العلماء على الأحاديث التي فيها تبين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يُكَنِي عن بعضه، ولا يصرح به خوفًا على نفسه منهم. انظر: (المصدر السابق: ١/ ٢١٦).
(٣) أخرجه البخاري في البيوع: ٤/ ٢٨٧، بلفظ قريب منه، باب قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}، حديث (٢٠٤٧)، ومسلم في فضائل الصحابة: ٤/ ١٩٤٠، باب صت فضائل أبي هريرة: الدَّوسيّ رضي الله عنه، حديث (١٥٩)، وابن سعد في (طبقاته: ٤/ ٣٣٠)، والذهبي في (سيره: ٢/ ٥٩٥).
(٤) قاله أبو معشر، وضمرة، وعبد الرحمن بن مغراء. والهيثم وغيرهم، حكاه عنهم الذهبي في (سيره: ٢/ ٦٢٧)، وابن حجر في (الإصابة: ٧/ ٢٠٧).
(٥) قاله الواقدي، حكاه عنه ابن سعد في: (طبقتاته: ٤/ ٣٤٠ - ٣٤١)، والذهبي في (سيره: ٢/ ٦٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>