بعد الدراسة المطولة لمؤلفات ابن عبد الهادي رحمه الله، والتي شملت معظم نتاجه العلمي في الفنون المختلفة اتضح لي عدة خبايا أحببت الإشارة إليها لمزيد الفائدة، وتنويها بهذه الشخصية الفذة.
١ - بدأ أبو المحاسن رحمه الله رحلة التأليف في مرحلة مبكرة من حياته، فقد ألف كتابه "زينة العرائس من الطرف والنفاس" و"السير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث" و"إرشاد الحائر إلى علم الكبائر" سنة ٨٦٠ هـ، أي عند العشرين من عمره، وهذا يدل على النضج العلمي والنبوغ المبكر الذي كان يتمتع به الشيخ الجمال رحمه الله.
٢ - كما جاءت معظم مؤلفات الشيخ على شكل رسائل صغيرة، فهو كما أسلفنا الحديث - كان في سباق مع الزمن في التأليف وإخراج أكبر قدر ممكن من الكتب والرسائل في شتى العلوم والمعارف ويبدو ذلك جلياً عندما نعرف أن جملة من تأليفه بقيت في مسوداتها، أو جاءت غير كاملة في مادتها العلمية.
٣ - كما اتبع ابن عبد الهادي طريقة المحدثين في التأليف، فهو كثيراً ما ينقل الأخبار والعلوم بأسانيدها وكأنه يروي لنا حديثاً من الأحاديث الشريفة، وهذه الميزة تركت أثراً بليغاً في مؤلفاته من حيث الأهمية والإقبال عليها، ذلك أن الإسناد في العلوم دليل على الغزارة العلمية، وعلى التثبت الذي يولد الثقة التامة بمؤلفات الشيخ.
٤ - كما ظهر من خلال استعراض مؤلفات أبي المحاسن أنه ما ترك فناً إلا وخاض غماره فقد كتب في العقيدة والتوحيد، والتصوف، والحديث، والفقه، والمواعظ، والتراجم والتاريخ، والأدب والقصص، والطب وغيرها.
وهذا نادراً ما يجتمع في شخصية علمية واحدة إلا ما عرف عن ابن أبي الدنيا، والسيوطي وغيرهما، وهو قليل جداً.
٥ - كما أن الذي يشد الانتباه ويثير الدهشة أن مؤلفاته رحمه الله على