للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القاسم رحمه الله مهاجراً إلى دمشق خوفاً من أن تصيبه معرة، أو يلحقه ذنب بسبب ما هو حادث. وألجأه هذا إلى ترك ما يملكه من ثروة علمية وثقافية هائلة مودعاً إياها في دار (١) سليمان، فكان مصيرها أن احترقت وعدمت لاحتراق الدار وانهدامها، ولم تكن انتشرت لبعده عنها. وكتب الله على أثر ذلك لهذا "المختصر" أن ينتشر ويحظى باهتمام فقهاء الحنابلة وبالتعليق، والتهميش وغير ذلك، حتى قال بعضهم: "لم يخدم كتاب في المذهب مثل ما خدم هذا المختصر، ولا اعتني بكتاب مثل ما اعتني به". (٢)

فكان أن ساق الله الأجر لأبي القاسم، وأسبغ عليه نعمته من حيث لا ينتظر حتى قال البعلي: "كل من انتفع بشيء من شروح الخرقي فللخرقي في ذلك نصيب من الأجر .. " (٣)

عمل الفقهاء على مختصر الخرقي رحمه الله:

لما كان لمختصر الخرقي الأهمية القصوى لدى فقهاء الحنابلة المتقدمين منهم والمتوسطين - ذلك لما اتسم به من إيجاز في اللفظ وشمول في المعنى، حيث جاءت مسائله مستوعبة لجميع أبواب الفقه (٤) من غير خلل ولا ملل، وقد علل ذلك بقوله: "ليقرب علي متعلمه": (٥) أي يسهل عليه، ويقل تعبه في تعلمه - (٦) لما كان الأمر كذلك تنافس نخبة من أعلام الفقه الحنبلي في خدمة هذا المختصر البديع من جميع جوانبه، فمنهم من شرحه وهم كثير حتى


(١) كذا في (المنهج الأحمد: ٢/ ٦١)، وفي (طبقات الحنابلة: ٢/ ٧٥، تاريخ بغداد: ١١/ ٢٣٤، "درب سليمان"، وهو درب كان ببغداد مقابل الجسر في أيام المهدي والهادي والرشيد رأيام كون بغداد عامرة، وكان فيه دار سليمان بن جعفر بن أب جعفر المنصور، فسمي الدرب باسمه ومات سليمان هذا سنة ١٩٩ هـ. انظر: (معجم البلدان: ٢/ ٤٤٨).
(٢) انظر: (المدخل لابن بدران: ص ٢١٤).
(٣) انظر: (المطلع: ص ٤٤٥ - ٤٤٦).
(٤) أوصل مسائله أبو إسحاق البرمكي إلى ألفين وثلاثمائة مسألة، حكاه عنه ابن بدران في (المدخل: ص ٢١٤).
(٥) انظر: (المختصر: ص ٣).
(٦) انظر: (المغني: ١/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>