للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي بيان هذا يقول العلامة ابن فارس تحت باب الأسباب الإسلامية: "كانت العرب في جاهليتها على إرث من إرث آبائهم في لغاتهم وآدابهم ونسائكهم وقرابينهم. فلما جاء الله جل ثناؤه بالإسلام حالت أحوال، ونسخت ديانات، وأبطلت أمور، ونقلت من اللغة ألفاظ عن مواضع إلى مواضع آخر بزيادات زيدت، وشرائع شرعت، وشرائط شرطت فعفى الآخر الأول، وشغل القوم ... بتلاوة الكتاب العزيز وبالتفقه في دين الله عز وجل، وحفظ سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فصار الذي نشأ عليه آباؤهم ونشأوا عليه كان لم يكن، وحتى تكلموا في دقائق الفقه وغوامض أبواب المواريث وغيرها من علم الشريعة وتأويل الوحي بما دون وحفظ حتى الآن ... فسبحان من نقل أولئك في الزمن القريب بتوفيقه عما ألفوه ونشأوا عليه وغذوا به، إلى مثل هذا الذي ذكرناه، وكل ذلك دليل على حق الإيمان وصحة نبوة نبينا محمد صلى الله تعالى عليه فكان مما جاء في الإسلام - ذكر المؤمن والمسلم والكافر والمنافق، وأن العرب إنما عرفت المؤمن من الأمان والإيمان وهو التصديق، ثم زادت الشريعة شرائط وأوصافاً بها سمي المؤمن بالإطلاق مؤمناً، وكذلك الإسلام والمسلم إنما عرفت منه إسلام الشيء ثم جاء في الشرع من أوصافه ما جاء، وكذلك كانت لا تعرف من الكفر إلا الغطاء والستر. فأما المنافق فاسم جاء به الإسلام لقوم أبطنوا غير ما أظهروه، وكان الأصل من نافقاء (١) اليربوع ... وهكذا". (٢)

كما أشار إلى هذا المعنى ابن حمدان الرازي تحت عنوان "الأسامي التي سنها النبي - صلى الله عليه وسلم - " حيث قال: "فالإسلام هو اسم لم يكن قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أسماء كثيرة مثل "الأذان" و"الصلوات" و"الركوع"، و"السجود" لم تعرفها العرب إلا على غير هذه الأصول، لأن الأفعال التي كانت هذه


(١) في اللسان مادة نفق: ١٠/ ٣٥٨: "والنافقاء: جحر الضب واليربوع" وفيه: "إنما سمي منافقا، لأنه نافق كاليربوع وهو دخوله نافقاءه".
(٢) انظر: (الصاحبي لابن فارس: ص ٤٤ - ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>