للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيمَا حَكَى أَبُو عِيسَى التِّرْمذِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ - رحمهما الله - أَنَّهُ قَالَ: أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عِنْدِي فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ (١).

قَالَ الْإِمَامُ أحْمَدُ - رحمه الله -: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى تَصْحِيحِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ في هَذِهِ الْأَعْدَادِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَهَا مَرَّاتٍ: مَرَّةً رُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَمَرَّةً ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَمَرَّةً أَرْبَعَ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمْ مَا حَفِظَ، وأَنَّ (٢) الْجَمِيعَ جَائِزٌ، وَكَأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدْ تَجَلَّتْ.

ذَهَبَ إِلَى هَذَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهُويَهْ، وَمنْ بَعْدِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ صَاحِبُ الْخِلَافِيَّاتِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَالَّذِي اخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - مِنَ التَّرْجِيحِ أَصَحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ - رحمه الله - أَيْضًا (٣)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَيِّنٌ ظَاهِرٌ فِي طُرُقِ أَحَادِيثِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ يَوْمَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ - عليهما السلام -، فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلِفَةِ عَلَى الْعَدَدِ، وَلَا وَجْهَ فِيهَا إِلَّا التَّرْجِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي رُكُوعَيْنِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ أَثْبَتِ الْأَحَادِيثِ وَأَصَحِّهَا، فَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ (٤) فِي الرَّكْعَتَيْنِ دُونَ عَدَدِ


(١) العلل الكبير للترمذي (ص ٩٧).
(٢) في (س): "وكأن".
(٣) قوله: "أيضا" ليس في (س).
(٤) في (س): "وردت".

<<  <  ج: ص:  >  >>