للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ، فَكَانَ يُؤْتَى بِتِسْعَةٍ وَحَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ مَا:

[٣٠٥٨] أخبرنا أَبُو سَعِيدٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أبنا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله -: وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ - رضي الله عنهم - اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَهِيدًا، فَإِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِمْ عَشَرَةً عَشَرَةً، فَالصَّلَوَاتُ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ صَلَوَاتٍ أَوْ ثَمَانٍ، فَنَجْعَلُهُ عَلَى أَكْثَرِهَا، عَلَى أَنَّهُ صَلَّى عَلَى اثْنَيْنِ صَلَاةً وَعَلَى حَمْزَةَ - رضي الله عنه - صَلَاةً، فَهَذِهِ تِسْعُ صَلَوَاتٍ، فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ سَبْعِينَ صَلَاةً؟ وَإِنْ كَانَ عَنَى: كَبَّرَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، فَنَحْنُ وَهُمْ نَزْعُمُ أَنَّ التَّكبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعٌ، فَهِيَ إِذَا كَانَتْ تِسْعُ صَلَواتٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ (١) تَكْبِيرَةً؟ ! وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يَسْتَحْيِيَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَارِضَ بِهِ الْأَحَادِيثَ كَأَنَّهَا عِيَانٌ؛ فَقَدْ جَاءَتْ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: "زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ" (٢).

وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ؛ فَقَدْ رَوَى فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَكَأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى قُبُورِهِمْ وَدَعَا لَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ كَمَا كَانَ يَدْعُو لِغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَوْتَى حِينَ عَلِمَ قُرْبَ أَجَلِهِ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى نَسْخِ [مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ] (٣) الْحُكْمُ فِي عَيْنِ مَا وَرَدَ فِيهِ، إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي حَمَلْنَا الْخَبَرَ عَلَيْهِ، لَمْ يُنْسَخْ بِهِ مَا ثَبَتَ مِنْ أَحْكَامِهِ.


(١) في (س): "وثلاثين"، والمثبت من الأم للشافعي ومعرفة السنن والآثار للمصنف.
(٢) أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ٥٩٧).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (س)، وأثبتناه من معرفة السنن والآثار للمؤلف (٥/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>